قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

مقدور بين قادرين

صفحة 88 - الجزء 1

  فإن قالوا: إن عِلم الله تعالى يسوق القادر إلى الفعل، لا أنه هو المؤثر، بل المؤثر القدرة والعلم سائق.

  قلنا: إذا كان الأمر كذلك فإنه يلزم على مذهبكم أن يكون الباري جل وعلا مجبرَاً في خلق أفعال عباده من الطاعات والمعاصي، لا اختيار له فيها، وكذا في جميع أفعاله، وذلك لسبق العلم، وأنتم لا تقولون بذلك.

مقدور بين قادرين

  قال باستحالته جمهور المعتزلة وبعض متأخري الزيدية، واستدلوا على ذلك بأنه لو صح مقدور بين قادرين لصح منهما مختلفين، بأن يريد أحدهما مثلاً تسكين الشيء، والآخر تحريكه، فيؤدي ذلك إلى اجتماع النقيضين.

  وأجيب: بأن الاستحالة إنما هي في حال الاختلاف، أما في حالة الاتفاق فلا مانع.

  وبعد، فعندي أنه ليس لهذه المسألة من الأهمية القدر الذي أعطوها، ولا يترتب عليها كثير فائدة.

استحالة إيجاد النقيضين

  ويستحيل إيجاد النقيضين من أي قادر في ذات واحدة، والنقيضان: ما ينقض أحدهما الآخر ولا يرتفعان، كالحيض والطهر، والوجود والعدم، والحركة والسكون، ونحو ذلك.

استحالة إيجاد الضدين

  ويستحيل أيضاً إيجاد الضدين، وهما ما يمنع وجود أحدهما الآخر، بأن لا يجتمعا معاً في ذات واحدة، ويجوز أن يرتفعا معاً، كالبياض والسواد يرتفعان بالحمرة ونحوها.

  خلافاً للمجبرة فإنهم جوزوا اجتماع النقيضين والضدين في محل واحد، وقالوا: إن الله سبحانه وتعالى قادر على ذلك؛ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. ونحوها من الآيات.