الأقوال الباطلة في تفسير الإرادة
الأقوال الباطلة في تفسير الإرادة
  وقال بعض المجبرة: بل إرادته تعالى معنى قديم كقولهم في سائر صفاته تعالى.
  والجواب: أن إثبات معنى قديم يستلزم تعدد القدماء، ولا قديم إلا الله، كما يستلزم التجسيم، وذلك أن المعاني لا تحل إلا في الأجسام.
  وروي عن بعض المتكلمين: أن الإرادة حركة لا هي الله ولا غيره.
  وعن بعض آخر: هي حركة في غيره تعالى.
  وبطلان هذين المذهبين واضح، فالأول غير معقول، إذ لا واسطة إلا العدم.
  والثاني يلزم أن يكون المريد هو المتحرك الذي حلت فيه الحركة لا الباري تعالى.
  قال مثبتو الإرادة الحقيقية: الدليل على كونه مريداً كإرادة الواحد منا أن قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}[الفتح: ٢٩] خبر ينصرف إلى كل واحد ممن اسمه محمد، ولا يتعين أن المراد به محمد بن عبد الله النبي الأمي ÷ إلا بإرادة من الله تعالى بكونه المقصود بهذا الخبر من بين سائر المحمدين.
  وقالوا: إن الله تعالى قد أمر وتهدد وأباح بصيغة واحدة نحو: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}[الأنعام: ٧٢]، {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}[البقرة: ١٨٧]، {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠]، ولا يتميز بعض ذلك من بعض إلا بالإرادة.
  قلنا: لم ننف الإرادة، غير أنها ما ذكرنا لاستحالة الإرادة الحقيقية التي هي النية والضمير في حق الله تعالى.
  وبعد، فالقرائن والأمارات تعين المقصود في نحو قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}[الفتح: ٢٩]، وتعيّن المقصود بصيغة افعل، ولا يحتاج ذلك إلى الإرادة، لأنها ضمير محجوب، لا يمكن الاطلاع عليه.
  إذا عرفت معنى الإرادة فاعلم أن الله تعالى مريد لجميع أفعاله.
  وقد قال قوم من المعتزلة: إن الله يخلق الإرادة والكراهة بغير إرادة، وهذا من تخاليط المعتزلة في الإرادة، وقد تقدم الجواب على ذلك.