استدلالهم بآية: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض ...} والجواب عليهم
  المعاصي، لكنه تعالى خلاهم وشأنهم، ووكلهم إلى اختيارهم، ليتم التكليف الذي يترتب عليه الجزاء، فلم يمنعهم من فعل الكفر والمعاصي، والجعل يراد به التخلية، والتخلية من الله تعالى، لذلك أسند الفعل إليه، وهذا من مجاز الإسناد الذي يسمى المجاز العقلي عند أهل البلاغة.
استدلالهم بآية: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ ...} والجواب عليهم
  ومما يستدلون به أيضاً قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[يونس: ٩٩]، فقالوا: إن الآية دليل على أن الله تعالى لم يشأ إيمان الناس جميعاً، وأنه لو شاء ذلك لآمنوا.
  فيؤخذ منها أنه تعالى يشاء عصيان العصاة وإيمان المؤمنين.
  والجواب عليهم: أن معنى الآية: أن الله تعالى لو شاء أن يرغم أهل الأرض على الإيمان لآمنوا، غير أنه تعالى لم يشأ ذلك؛ لما يلزم من بطلان التكليف والاختيار، وببطلان ذلك يبطل الثواب والعقاب، وذلك أن الثواب والعقاب مبنيان على الاستحقاق، ولا استحقاق مع عدم الاختيار، وهذا التفسير هو الذي يتمشى مع منطق الفطرة، ويتناسب مع الحكمة، مع أن آخر الآية يشهد لما ذكرنا، فإن قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٩٩}[يونس] دليل على أن المعنى ولو شاء ربك أن يكره الناس على الإيمان لآمن من في الأرض أفأنت ... إلخ.
  ثم قالت المجبرة: إن الله تعالى مالك لعباده، فله أن يتصرف فيهم كيف يشاء، فله ﷻ أن يخلق عبيده، ويخلق فيهم الكفر، ويقيدهم به، فلا يستطيعون الانفكاك عنه، ثم يعذبهم بالنار، ولا يكون ذلك قبيحاً، بل إن ذلك من العدل والإحسان.
  قلنا: قد ثبت بالاتفاق بين المسلمين بما فيهم المجبرة أن الله تعالى عدل لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، ومفهوم