قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تيسير الله سبل طاعته وتجنيب سبل معصيته

صفحة 99 - الجزء 1

  ذلك إلى الوقوع في أكل الحرام ونحو ذلك.

  وأما كيفية تجنيب الله تعالى له سبل المعصية فكذلك يقع على صور كثيرة، منها: أن يرزقه الله تعالى رزقاً على قدر الكفاية والحاجة، ولا يبسط له في ذلك؛ لئلا يقع في الطغيان والإثم والعدوان الذي قال الله عنه: {إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}⁣[العلق: ٦، ٧]، وقال سبحانه: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}⁣[الشورى: ٢٧].

  ومنها أن يرزقه الله زوجة على حسب حاجته بحيث لا تحدثه نفسه بعدها إلى الوقوع في الحرام.

  ومنها: أن تعرض له شواغل وموانع وصوارف إذا عزم على سفر مثلاً قد يتعرض فيه لفتنة الوقوع في الحرام، أو على فعل شيء قد تكون عاقبته آثمة.

  وصور ذلك كثيرة وقصدنا هو ضرب الأمثال لتفهيم المقصود.

  وبعد، فالدعاء عبادة مستقلة يحبها الله تعالى، ويدعو عباده إليها، كما في قوله عز ذكره: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ٦٠}⁣[غافر] وقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}⁣[الأعراف: ٥٥]، إلى غير ذلك من الآيات، وذلك لما فيه من إظهار الافتقار إلى الله، والتذلل وإظهار الحاجة إليه، وأنه مصدر كلّ خير، وربّ كل نعمة، وأن الإنسان لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فالحياة من عنده، وزيادة الأعمار من عنده، وصحة الأبدان من عنده، وهو الذي يرزق عباده بإنزال المطر، ثم بإخراج الرزق من الأرض، وهو الذي أرسل الرسل، وأنزل الكتب لهداية الناس، وعلمهم سبل الطاعة والهداية، وكيف يطيعون ويشكرون، وحذرهم من سبل الشيطان، وعلّمهم ما لم يكونوا يعلمون و ... إلخ.