تيسير الله سبل طاعته وتجنيب سبل معصيته
  فالمؤمن وإن كان يعلم أن الله تعالى يعطي ذلك في الدنيا من غير دعاء كما قال سبحانه: {كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً ٢٠}[الإسراء] وقال: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الزخرف: ٣٢].
  وأنه تعالى قد هدى الناس جميعاً بما أرسل إليهم من الرسل، وبما أنزل من الكتب، وبما أعطاهم من العقول و ... إلخ، غير أنه وإن كان كذلك إلا أن فيه حِكماًً وأسراراً يريدها الله، منها:
  ١ - إظهار الفقر والحاجة إلى الله.
  ٢ - إظهار أن الله تعالى هو الذي يعطي ويمنع.
  ٣ - إظهار التضرع والتذلل.
  ٤ - إعلان إحاطة الله بكل شيء، واستيلاء قدرته على كل شيء، وأن أَزِمَّة الأمور كلها بيده، ومصادرها عن قضائه، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.
  ٥ - إظهار أن العبد لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً.
  ٦ - الدعاء صلة بالله، يبث فيها العبد شكايته على ربه، ويسأله من فضله ما لا يقدر عليه غيره من تفريج الهم وكشف الغم و ... إلخ، فيتسبب ذلك إلى حصول الطمأنينة في القلب، والتخفيف من وطأة البلاء النازل وشدة محنته.
  ٧ - وباستمرار الدعاء تحيا تلك الصلة بالله وتستحكم، فإن رأى الإجابة حَمِد الله تعالى وأكثر من شكره، وإن رأى غير ذلك قال: لعل ذنوباً حالت دون الدعاء فنظر إلى عيوب نفسه وإلى ذنوبه وأصلحها، وأكثر من الاستغفار خصوصاً وعموماً.
  ٨ - الدعاء عدة المؤمن وسلاحه على الأعداء، وفيه ملاذ من شر ما خلق الله تعالى، فتقلّ به المخاوف ويطمئن به البال، وتسكن إليه النفس و ... إلخ، وفي الحديث: «الدعاء سلاح المؤمن». إلى غير ذلك من الحكم والأسرار.