قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

أساس الإسلام

صفحة 211 - الجزء 1

  وقد جاء عن النبي ÷: «أوثق عرى الإسلام الحب في الله والبغض في الله» أو كما قال. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ ...}⁣[المائدة: ٥١].

  وقال سبحانه: {لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[النساء: ١٤٤] {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ... الآية}⁣[آل عمران: ٢٨].

  إذا عرفت ذلك فاعلم أنه يجب على كل مكلف اكتساب مودة أهل البيت، وتربيتها في النفس، وعمارة القلب بها، ثم بعد ذلك المحافظة عليها، وسد منافذ الشيطان التي قد يتسلل من خلالها إلى قلب المؤمن، ليكدر عليه حبه لأهل البيت، الذي إن تكدر وفسد تهدم بنيان الإسلام، وخوت عروشه.

  ومنافذ الشيطان ومداخله في هذا الباب كثيرة، منها: أن الشيطان يأتي الإنسان من باب التفضيل فيبعث في نفس الإنسان الأنفة من زيادة فضل أهل البيت على غيرهم، ويزين له الترفع عن الإقرار بفضلهم، ويزين له جحوده.

  ثم يتبع الشيطان ذلك بتحسين عداوة أهل البيت ومضايقتهم، ومحاولة إنزال الضرر بهم، وهكذا لا يستجيب الإنسان لشيء من الشيطان في صغير إلا جره إلى ما هو أكبر، وأوقعه فيما هو أعظم، حتى يوقعه في الكفر والتكذيب بآيات الله والاستهزاء بها، وتماماً كما قال سبحانه وتعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ١٠}⁣[الروم].

  وكما قال سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣}⁣[النور].

  والواجب على المكلف أن يحارب مثل هذه الوساوس الشيطانية، وأن يدافعها، والطريق إلى محاربتها هو الاستعاذة بالله تعالى من وساوس الشيطان وهمزاته، وأن يعرض الإنسان على نفسه أوامر الشيطان، وأوامر الله تعالى ويستحضر ذلك، ثم لينظر أيهما أحسن عاقبة طاعة الشيطان أم طاعة أوامر الرحمن؟