قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الدليل من القرآن على وجود الخالق وعظمته وقدرته

صفحة 24 - الجزء 1

  تجد بدّاً من التصديق والخشوع والتسليم والإذعان والتسبيح بحمد بارئها.

  فأول آيات الله ودلائل قدرته وعظمته {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} فترى الحبة تنفلق عن نبات نام، وتنفلق النواة عن شجرة عظيمة، فخروج النبات والشجر الحي النامي من الحب والنوى الميت سر مكنون تقف عنده العقول متحيرة، لا تعرف حقيقته، ولا تستطيع تفسيره إلا بالإيمان بالله.

  وهذه الآيات العظيمة مبثوثة متكاثرة، تحدث في كل حين، وفي كل لحظة، مشاهدة، محسوسة، ثم قال تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}.

  كانت هذه الأرض ولم يكن هناك حياة، ثم كانت الحياة أخرجها الله من الموات، ولا خلاف اليوم بين علماء طبيعة الأرض أن الأرض كانت ولا حياة، ثم كانت الحياة من بعد ذلك.

  فحدوث الحياة وخروجها من الأرض الميتة آية عظيمة، وسر عجيب يبهر الألباب، ويضطرها إلى الاعتراف والتسليم بتقدير قادر حكيم.

  {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}: فَلْقُ الإصباح وخروجه من ظلمة الليل آية عجيبة، تحدث وتتكرر على المخلوقات، وجعل الليل سكناً آية أخرى كذلك، وفي كلتا الآيتين الليل والنهار من المصالح العظيمة للأحياء والنبات ما لا يسع العقل عند النظر في ذلك إلا الاعتراف بأن ذلك تقدير العزيز العليم.

  والشمس والقمر آيتان من آيات الله ودلائل قدرته وحكمته، تسبحان في الفضاء، لكل منهما مسار معلوم، ومنازل مرسومة بحساب دقيق، يعرف تفاصيل ذلك علماء الفلك.

  قال بعض علماء الطبيعة في هذا القرن⁣(⁣١): إن ملاءمة الأرض للحياة تتخذ


(١) انظر: كتاب الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره (٣٢٤).