قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الدليل من القرآن على وجود الخالق وعظمته وقدرته

صفحة 25 - الجزء 1

  صوراً عديدة، لا يمكن تفسيرها على أساس المصادفة والعشوائية، فالأرض كرة معلقة في الفضاء تدور حول نفسها؛ فيكون في ذلك تتابع الليل والنهار، وهي تَسْبَحُ حول الشمس مرةً في كل عام؛ فيكون في ذلك تتابع الفصول، الذي يؤدي بدوره إلى زيادة مساحة الجزء الصالح للسكنى من سطح كوكبنا، ويزيد من اختلاف الأنواع النباتية أكثر مما لو كانت ساكنة، ويحيط بالأرض غلاف غازي يشتمل على الغازات اللازمة للحياة، ويمتد حولها إلى ارتفاع كبير يزيد على ٥٠٠ ميل.

  ويبلغ هذا الغلاف الغازي من الكثافة درجة تَحُوْلُ دون وصول ملايين الشهب القاتلة يومياً إلينا، مُنْقَضَّةً بسرعة ثلاثين ميلاً في الثانية.

  وهذا الغلاف يحفظ درجة حرارة الأرض في الحدود المناسبة للحياة.

  ويحمل هذا الغلاف بخار الماء على شكل سحاب من المحيطات إلى مسافات بعيدة داخل القارات، فيحيي به الله الأرض بعد موتها ... إلخ.

  ومن هنا فإنه لم يبق للعقل إلا أن يقول: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً.

  {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ .... إلخ} هذا تتميم لآيات الله في الفلك الدوار، ذكره تعالى بعد ذكر الليل والنهار والشمس والقمر وما يتعلق بها من منافع البشر، وقد كان العرب في متاهات البر والبحر يهتدون بالنجوم، وكذلك سائر البشر فقد كانوا كذلك، وما زال الناس وإلى اليوم وإن اختلفت وسائل الاهتداء واتسعت بالاكتشافات والتجارب.

  وإذا كان الناس وما زالوا يهتدون بالنجوم عند التيه والضلال في ظلمات البر والبحر فمن الجدير بأهل البصر والمعرفة أن يهتدوا بها إلى مبدعها الحكيم، فإن فيها من الخلق والتدبير والمصالح العامة للخلق ما يضطر العقول إلى الاعتراف والتصديق بالخلاق الحكيم.