في خلود الفساق في نار جهنم
  عدم الاعتذار وعلى قتل الآخرين، فإنه يقبح من أب المقتول أن يعفو عنه وأن يعظمه بأي نوع من التعظيم.
  ٤ - قد أبلغ الله تعالى في الإعذار والإنذار إلى الظالمين والفاسقين حتى أخبرهم بما أعد للظالمين والفاسقين من العذاب الدائم، وأكد ذلك غاية التأكيد، وحذرهم غاية التحذير.
  فمن اختار من العباد معصية الله على طاعته، وطريق عذابه على طريق ثوابه، فقد أتي من قبل نفسه حيث استحق العذاب الدائم بسوء اختياره، {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥] {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٥٤}[النور].
  {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ٧١}[الزمر].
  وفي المثل العربي: (من أعذر فقد أنذر).
  ٥ - أهل السنة متفقون على خلود الكافر في عذاب جهنم، وسواء أكان كفره قليلاً أم كثيراً، فلو ختم الرجل المسلم عمره بالكفر ساعة فقط، ثم مات مصراً على الكفر فإنه من أهل الخلود، ونحن نوافقهم في ذلك ولا نخالفهم، وبإمكاننا أن نعترض عليهم في ذلك بنفس ما اعترضوا به علينا في الفاسق، فما أجابوا علينا به من الجواب أجبنا نحن به عليهم.
  أما قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] ونحوها فأعلم أن كبائر الإثم والفواحش التي نهى الله عنها هي من العظم والكبر فوق ما يتصوره الإنسان، وقد صور الله لنا عظم بعض الكبائر فقال ø: {.... أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة: ٣٢]، وقال سبحانه في بعض المعاصي: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ١٥}[النور]، وقد تصل الكلمة الخبيثة إلى مدى بعيد من الفساد العظيم، وإهلاك الحرث والنسل.