بعض شبه القائلين بالرؤية - والرد عليها
  عليه البصر لا بد أن يكون على شكل من الأشكال: إما الطول، وإما القصر، أو التربيع، أو التثليث، أو التدوير، أو ... إلخ.
  ولا بد أن يكون له لون من الألوان يتصف به، ولا بد أيضاً من أن يكون متحركاً أو ساكناً، وقد ثبت أن هذه الصفات محدثة، وثبت أيضاً أنها تلازم الأجسام ولا تنفك عنها، ومن هنا كانت الأجسام كلها محدثة، لذا قلنا إن الله تعالى لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأنه لو رُئي لكان جسماً، ولو كان جسماً لكان محدثاً، تعالى الله عن ذلك، {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ...}[الحديد: ٣].
  ٢ - لو صح أن الله تعالى يُرى لكان في جهة من الجهات ومكان من الأمكنة، لأن الرؤية لا تصح ولا تقع إلى على ما كان في مكان أو جهة، والله تعالى ليس في مكان ولا في جهة؛ إذ هو سبحانه وتعالى خالق الأمكنة والجهات، فهو غني عنها، فقد كان الله تعالى ولا شيء.
بعض شبه القائلين بالرؤية - والرد عليها
  وأما قولهم: إن الله تعالى يرى بلا كيف، فمعناه أنه تعالى يرى وهو غير متصف بأي صفة من الصفات، فتقع عليه تعالى رؤية الرائي يوم القيامة في حال لا يكون فيها الباري متحركاً، ولا ساكناً، ولا طويلاً، ولا قصيراً، ولا عريضاً، ولا له لون من الألوان، ولا يكون أمام الرائي ولا خلفه، ولا عن يمينه ولا عن شماله، ولا فوقه ولا تحته، ولا هو قريب ولا بعيد، ولا ... إلخ. هكذا يريدون بقولهم: إنه تعالى يرى بلا كيف.
  وإنما قالوا ذلك لينفوا عنه صفات الأجسام المحدثة، التي لو أثبتوها للزم أن يكون الله تعالى محدثاً، فجاءوا بما لا يمكن للعقل أن يصدقه وهؤلاء هم الأشعرية.
  ولما كانت هذه المقالة متناقضة وغير معقولة، قال الرازي - وهو من أئمة الأشعرية -: المعنى أن الله تعالى يُعرف يوم القيامة معرفة ضرورية، بحيث لا يتطرق إليها الشك.