قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

والله تعالى لم يلد ولم يولد

صفحة 54 - الجزء 1

  ٧ - قال الله تعالى في الجواب على موسى حين قال: أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ... الآية: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ... الآية}⁣[الأعراف: ١٥٦]، فسمى الله تعالى ما نزل من الصاعقة على طالبي الرؤية عذاباً، فدل على أن سؤال الرؤية معصية عظيمة يستحق مرتكبها العذاب العظيم.

والله تعالى لم يلد ولم يولد

  وقالت اليهود: بل ولد عزيراً، وقالت النصارى: بل ولد عيسى، وقالت اليهود والنصارى: نحن أبناء الله وأحباؤه، وقال المشركون: إن الملائكة بنات الله.

  والجواب: أن التوالد من شأن الأجسام وخواصها، والله تعالى ليس بجسم، ومن هنا قال سبحانه وتعالى رداً على أهل هذه المقالات الباطلة: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً ٨٨ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً ٨٩ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ٩٠ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً ٩١ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ٩٢ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ٩٣ لقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً ٩٤}⁣[مريم]، فقد أجاب الله كما ترى في هذه الآية على أهل تلك الأقوال الباطلة بالجواب الغاضب، الذي كاد الكون كله بسماواته وأرضه وجباله أن يرجف ويتفتت لشدة نكارة تلك المقالة التي قيلت في قداسة الرحمن، والتي حطته عن عز الإلهية وعظمتها إلى منازل الحيوانات المتوالدة، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

  نعم، الذي يظهر أن قول اليهود والنصارى: نحن أبناء الله وأحباؤه ليس على الحقيقة، وإنما مرادهم أنهم مقربون إلى الله قرابة زائدة على سائر الناس، وأن الله يحبهم حباً رابياً لا يبلغه أحد من الناس غيرهم، وأنهم صفوة الله من الخلق ... إلخ؛ ولم يريدوا البنوّة الحقيقية.