قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فصل في حقيقة الحسن والقبيح

صفحة 74 - الجزء 1

كتاب العدل

تعريف العدل

  العدل هنا هو: العلم بتنزيه الله سبحانه وتعالى عن فعل القبيح، وأن أفعاله كلها حسنة، فمن اعتقد ذلك فهو من أهل العدل، ومن هنا سميت العدلية عدلية، فقولنا: إن الله عدل معناه: أنه تعالى منزه عن فعل القبيح وأن أفعاله كلها حسنة.

  ومعنى العدل في حق المخلوق: هو من لا يفعل القبيح، ولا يخل بالواجب، وأفعاله كلها حسنة، وقد قال الوصي # في معنى العدل في حق الله تعالى: (والعدل أن لا تتهمه) أي لا تتهمه في فعله بأنه قبيح.

  نعم، المجبرة يوافقوننا من حيث المبدأ، فيقولون: إن الله تعالى منزه عن فعل القبيح، وإن أفعاله كلها حسنة، غير أنهم نقضوا هذا المبدأ، ولم يقفوا عند مقتضاه، فقالوا: إنه لا يوجد في الكون ظلم أو كذب أو إثم أو عدوان أو عصيان إلا والله سبحانه وتعالى هو الذي خلقه وأوجده وأراده وشاءه وقدره وقضاه، فتنزيه المجبرة لله عن فعل القبيح تنزيه مدخول، غير مرضي، ولا مقبول، وذلك أنهم لم ينزهوا الله تعالى إلا بقول اللسان المجرد عن أي معنى، فتنزيههم لله تعالى بذلك في الحقيقة إنما هو استهزاء، ونظير ذلك إيمان المنافقين المذكور في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ١}⁣[المنافقون]، فحكم الله تعالى بكذبهم لما كانت عقيدتهم تخالف ألسنتهم.

فصل في حقيقة الحسن والقبيح

  الحسن: ما لا عقاب عليه، سواء كان واجباًَ أم مندوباً أم مباحاً أم مكروها.

  والقبيح: ما يعاقب عليه فاعله على بعض الوجوه.

  فقوله في الحد: على بعض الوجوه لتدخل القبائح الواقعة من الصبيان والمجانين، فإنها توصف بالقبح ولا عقاب عليها، وبناءً على ما ذكرنا فلا واسطة بين الحسن والقبيح.