كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب ما يوجب القصاص

صفحة 535 - الجزء 1

  منهم، وكذلك إن رجع واحد منهم، وإن ادعوا الخطأ فعليهم الدية.

  ولو أن رجلاً قتل رجلاً عمداً؛ فجاء أجنبي فقتله من دون أذن أولياء المقتول وجب عليه القَوَد، إلا أن يختار أولياء المقتول الدية، فإن أخذوها وجب عليهم ردها إلى ورثة القتيل الأول.

  ولو أن رجلاً قُتِل وله وليّان، فعفى أحدهما عن القاتل، وقتله الآخر، فإن كان قتله وهو يعلم أن الآخر قد عفا عنه وجب عليه القود، وإن لم يعلم بعفوه فلا قود عليه، وتلزمه الدية، يحتسب له بنصفها الذي يستحقه ويكون نصفها للوارث الآخر.

  ومن قُتِل عمداً أو جُرح عمداً، فولي الدم بالخيار إن شاء استوفى القود، وإن شاء أخذ الدية، وإن تصالحا على شيء دون الدية أو فوقها جاز ذلك.

  وإذا فقأ أعور عين صحيح، فقئت عينُه، هذا الذي نص عليه في (الأحكام) وهو المأخوذ به، وفي رواية (المنتخب) قال: عين الأعور بمنزلة عيني الصحيح فلا تفقأ عينه بإحدى عيني الصحيح.

  ولو أن رجلاً فقأ عين واحد، وقطع يدَ آخر أو رجله، وجدع⁣(⁣١) أَنْفَ آخر، ثم قتل رجلاً آخر، اقتُصَّ منه لكل واحد منهم ممن جنى عليه، فتفقأ عينه، وتُقْطع يده ورجله، وتُجدع أنفه، ثم يقتل بمن قتله.

  ولو أن رجلاً لطم رجلاً اقتص منه بلطمةٍ مثلها، إلا أن تكون اللطمة وقعت في العين، أو في موضع آخر لا يؤمن أن يؤدي القصاص منه إلى التلف، فإن كان كذلك وجبت فيه الحكومة.

  قال محمد بن يحيى # فيما حكى عنه أبو العباس |: من أكره رجلاً على قتل رجل فقتله خيفة ما توعده به من القتل، قُتِل المكرِه دون القاتل إذا قَدَر على ما توعده به، إلا أن لا يقدر، فيقتل القاتل.

  وقال محمد بن يحيى @: لو أن رجلاً تهدد رجلاً بالقتل، فخاف


(١) الجَدْعُ، كالمَنْعِ الحَبْسُ، والسجنُ، وقَطْعُ الأَنْفِ أو الأُذُنِ أو اليدِ أو الشَّفَةِ.