كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب الترخيص في الإفطار وما يلزم فيه الفدية

صفحة 150 - الجزء 1

باب الترخيص في الإفطار وما يلزم فيه الفدية

  الترخيص في الإفطار يجوز عند حالين: أحدهما: السفر، والآخر: إذا خشي من الصوم الضرر، وإذا وجب القصر جاز الإفطار، والحال الذي يخشى معها الضرر فالإفطار عندها جائز، وإن لم يكن ذلك مؤدياً إلى التلف، والصوم مكروه، وإن صام أجزأ على قياس قول يحيى # فإن كان مؤدياً إلى التلف كالمرض الشديد، أو الشيخ الهرم فالإفطار واجب.

  والحامل والمرضع إذا خافتا على الجنين والمرضَع، وكذلك من لا يصبر على العطش من الرجال والنساء يجب عليهم الإفطار.

  وكل هؤلاء إن لم يخشوا على أنفسهم وعلى الجنين والمرضَع وخشوا زيادة الضرر؛ فإن صاموا أجزأ، وإن لم يصوموا جاز.

  ومن يفطر لعذر مأيوس من زواله كإفطار الشيخ الهرم والمرأة الهرمة، فعليه الفدية، وصاحب العطش إن كان يرجو زوال علته فإنه يفطر ويقضي إذا زال المرض، وإن كان لا يرجو زوالها ويغلب ذلك على ظنه فعليه الفدية، على مقتضى كلام يحيى #.

  والفدية: إطعام مسكين، قال أبو العباس: وقَدَّره يحيى # يعني الإطعام - في موضع مُدَّين⁣(⁣١) يخرجهما مما يستنفقه من بر أو غيره.

  ومن فاته صيام أيام من شهر رمضان ولم يقض ما فاته حتى دخل شهر رمضان في السنة الثانية فإنه يقضي ذلك ويطعم عن كل يوم مسكيناً، وهذا هو الذي نصّ عليه في (الأحكام)، وقد قال فيه: إذا كان قد ترك القضاء لعلّة مانعة من قضائه؛ فلم يفصل بين ترك الصيام لعذر أو لغير عذر.


(١) قال في المصابيح في تفسير سورة (عم): يخرج عن كل يوم مدّ بُرٍّ أو غيره مما يُؤكَلُ ويُقْتاتُ، هذا معناه والله أعلم. تمت من هامش (أ).