كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب ما يبطل حكم القاضي وما لا يبطله وما يتصل بذلك

صفحة 513 - الجزء 1

  قال أبو العباس |: وينبغي للقاضي أن يوعز إلى من ينحي الناس عنه بإقصائهم حتى يمضي أمر المتداعيين، لئلا يتأذّى بأصواتهم، ويقدم العون أولاً فأولاً من حضر منهم، وإن كثروا أثبت أساميهم في قراطيس ووضعت بين يدي القاضي، فيأخذ القاضي منها واحدة بعد واحدة، فيقدم من خرج اسمه مع محاكمه أو وكيله، لئلا يزدحم الخصوم فيشتغل قلبه بذلك.

  قال |: ولا يجهد نفسه في الجلوس ويعمل في ذلك ما هو أرفق به وبأهل الحكومات، من اختيار طرفي النهار أو غير ذلك.

  قال: وإن تعدّى أحد الخصمين على الآخر أو أساء إليه أو سبه، فإن للقاضي أن يؤدبه على ما يراه من ضرب أو حبس أو زجر. قال: وهذا ليس هذا من الغضب الذي يمنعه من الحكم.

  ويجوز للقاضي أخذ الرزق على القضاء.

باب ما يبطل حكم القاضي وما لا يبطله وما يتصل بذلك

  قال محمد بن يحيى @: لو أن حاكماً حكم بحكم فأخطأ فيه، ثم علم بذلك، فعليه أن يرجع عن حكمه ولا ينفذه على خطئه.

  وإذا عُرض على قاض حكومة قاض قبله لم ينقضها، إلا أن يكون ما حكم به مخالفاً خارجاً عن طريقة الاجتهاد، بأن يكون مخالفاً للإجماع أو النص المعلوم من الكتاب والسنة، على أصل يحيى #.

  وإذا أخطأ الحاكم فيما حكم به خطأ مما يوجب نقضه، وهو مما يتعلق به أرش كان الأرش على بيت مال المسلمين، وحكم الحاكم بالطلاق والبيوع وما أشبهها في الظاهر لا يكون حكماً في الباطن، على أصل يحيى #.

  قال محمد بن عبدالله في (سيرته): إذا شهد شاهدان عند القاضي بحق، ثم ارتدا، فإن كان حكم بشهادتهما قبل ارتدادهما فالحكم جائز، وإن لم يكن حكم بعد حتى ارتدا لم يجز أن يحكم بها.