كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب الاعتكاف

صفحة 159 - الجزء 1

  مسجد آخر، وكذلك إن انهدم المسجد انتقل إلى مسجد آخر وبنى على اعتكافه، وكذلك إن أخرجه السلطان الجائر ظلماً وكرهاً له، على قياس قول يحيى #.

  ومن جعل على نفسه أنه لا يكلّم أحداً في اعتكافه فينبغي له إذا عرض له ما يجب أن يتكلم به - نحو ردّ السلام، وغير ذلك - أن يتكلم ويجيب عن السلام ويكفّر عن يمينه فيطعم عشرة مساكين.

  وإن قال: لله عليّ أن أعتكف شهراً إن كلمت فلاناً فكلمه، لزمه ذلك.

  قال أبو العباس: من قال: لله عليّ أن أعتكف الجمعة، فعليه أن يعتكف كل جمعة؛ لأنه تعريف الجنس.

  قال السيد أبو طالب |: هذا إذا لم يقصد باللفظ تعريف جمعة بعينها؛ لأنه إذا قصد ذلك جرى مجرى تعريف العهد، وكذلك إن قصد به جمعة منكّرة صحّ؛ لأن اللفظ يصلح لذلك مجازاً من طريق العرف، فالنية تعمل فيه.

  والعبد والأمة إذا أوجبا على أنفسهما اعتكافاً لزمهما ذلك، ولسيّدهما منعهما منه، وكذلك المدبّر وأم الولد، ولا يستحب له منعهم، (وكذلك المرأة، على أصل يحيى #(⁣١)) فأما المكاتب فليس له أن يمنعه منه.

  ولو أن رجلاً أوجب على نفسه اعتكاف أيّام وحضرته الوفاة فأوصى أن يُعْتَكَفَ عنه، وجب أن يخرج من ثلث ماله ما يستأجر به مسلم ليعتكف عنه، ويلزم الورثة إجازة ذلك.

  ويكره للنساء الإعتكاف إلا اللواتي لا رغبة للرجال فيهنّ، على قياس قول يحيى #.


(١) من: (ب).