كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب السلم

صفحة 332 - الجزء 1

  فيه.

  وإذا حصلت الشروط التي ذكرناها صحّ السلم، إن كان المسلم فيه مما يصح السلم فيه، وإن نقص شيئاً كان باطلاً، إلا أن يذكراه قبل تفرقهما فيكون صحيحاً.

  ولا يجوز أن يفترق المسلم والمسلم إليه حتى يقبض المسلم إليه رأس المال، وإن تفرقا قبل ذلك بطل السلم.

  فإذا أسلم رجل إلى رجل سلماً فاسداً وأراد أن يرتجع رأس المال وقد استهلكه المسلم إليه، كان له عليه نقد مثل نقده الذي وزنه كالعين والورق، وكذلك ما كان من ذوات الأمثال كالمكيل والموزون، وإن كان من ذوات القيم كالعروض والحيوان فعليه قيمته.

  قال أبو العباس |: تلزمه قيمته يوم قبضه لا يوم استهلاكه؛ كالمغصوب، فإن أرادا تجديد السلم على الصحة جدداه بعد أن يقبض المسلم من المسلم إليه ماله ويعطيه ثانياً.

  فإن اختلفا في قيمة رأس المال كانت البينة على المسلم واليمين على المسلم إليه، فإن كان رأس المال نقداً فوجد فيه المسلَم إليه ردياً فأبدله المسلِم قبل التفرّق صحّ السلم.

  وإذا كان لرجل على رجل دين أو له عنده وديعة؛ لم يجز له أن يجعل الدين سلماً فيسلمه إليه في شيء، إلا بعد أن يقبضه ثم يعطيه ثانياً، وكذلك الوديعة.

  قال أبو العباس |: إن كانت الوديعة حاضرة في المجلس جاز أن يجعلها سلماً وإلا لم يجز؛ ولو كان لرجل على رجل عشرة دنانير فدفع إليه عشرة أخرى وجعل الجميع سلماً؛ صح السلم بالعشرة التي نقدها ولم يصح بالعشرة التي في الذمة.

  ويجوز أن تسلم أشياء مختلفة في شيء واحد، نحو أن يسلم عرضاً مع حيوان، أو نقداً مع طعام، أو غير ذلك.