كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب كيفية أخذ الشفيع لما يستحق فيه الشفعة من المبيع

صفحة 342 - الجزء 1

  حُكِمَ للشفيع به وحُكِم عليه بقلع غروسه وبنائه.

  فإن لم يعلم ذلك حُكِم للشفيع به، وحُكم عليه بقيمة الغرس والبناء للمشتري يوم استحق المبيع بالشفعة.

  وإن علم أن له شفيعاً ولكن لا يعلم أنه يطلب بالشفعة، وعلم الشفيع بالمبيع بعد أن بنى وغرس فطلبها حينئذ؛ فالأقرب على أصل يحيى # أن الشفيع يلزمه قيمة ذلك.

  وكان أبو العباس الحسني | يحمل قول الهادي #: إن المشتري إذا لم يعلم أن فيها شفعة يحكم له بقيمة البناء؛ على أن المشتري كان جاهلاً بحكم الشريعة في استحقاق المبيع بالشفعة؛ فإن كان المشتري غرس وبنى فيه ما لا يُنْتَفَعُ به، لم يلزم الشفيع قيمته على وجه من الوجوه.

  ولو أن رجلاً اشترى داراً بألف درهم، وباعها بألف ومائة، ثم باعها المشتري الثاني بألف ومائتين، ثم باعها المشتري الثالث بألف وثلاثمائة، ثم جاء الشفيع؛ فإنه يحكم له بالدار، وعليه أن يخرج إلى المشتري ما وقع عليه الشراء الأول وهو ألف درهم، ويرجع المشتري الأخير وهو الرابع على الثالث بثلاثمائة درهم، ويرجع الثالث على الثاني بمائتين، ويرجع الثاني على الأول بمائة، وهكذا لو تنوسخ ذلك وكثر المشترون.

  فإن كان البائع الأول باع ذلك وفيه ثمر فاستهلكه المشتري الأول، فإن الشفيع يحط عن ثمنه الذي يخرجه إلى المشتري الأخير حصته من ثمن المستهلك، ويرجع المشتري على بائعه به إن كان اشتراه بمثل ما اشتراه الأول، وكذلك إن باع منه بعضاً.

  وإذا باع رجل أرضاً أو داراً ولم يقبض من المشتري ثمنها، وجاء الشفيع فطلب الشفعة؛ لم يكن للمشتري أن يمتنع من توفير ثمن ما اشتراه على البائع، وكان الثمن لازماً له.