باب ذكر ما يجب على الإمام أن يسير به في رعيته وما له فعله بعد انعقاد إمامته وما ليس له فعله
باب ذكر ما يجب على الإمام أن يسير به في رعيته وما له فعله بعد انعقاد إمامته وما ليس له فعله
  يجب على الإمام أن يسير في الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والانتصاف للمظلوم من الظالم، وإقامة الحدود على من وجبت عليه من شريف أو دني قريب الرحم أو بعيدها، وأن يشتد غضبه على من عصى الله ولو كان أباه أو ابنه أو غيرهما من قريب أو بعيد، وعليه أن يأخذ أموال الله من كل من وجبت عليه ويضعها في مواضعها غير حائف ولا محاب، وأن يحكم في رعيته بأحكام الله سبحانه ويعدل في الحكم، ويساوي بينهم في قسم الفيء.
  والمراد به أن يساوي بين المستحقين فيما استحقوه، ولا يبخس أحداً منهم حقه، وأن يقرّبَ أهل الدين والفضل، ويتعاهد أهل المسكنة والفقر، ويعينهم ويعلمهم ما يحتاجون إليه في الدين، وأن يسهل حِجَابه على رعيته، ولا يحتجب عنهم احتجاباً يؤدي إلى الإضرار بهم في مصالحهم.
  ويجوز للإمام أن يستعين بالمخالفين والفاسقين الذين يتبعونه اتباعاً يتمكن معه من إجراء أحكام الله فيهم، وإقامة حدوده عليهم على من يمتنع ولا يلتزم طاعته من الكفار والبغاة إذا كان معه طائفة من المؤمنين.
  قال القاسم #: يجوز للإمام أن يستعين بالمشركين على جهاد من يباينه، ولا يجوز للإمام أن يتنحّى عن النظر في أمر الأمة ويعتزل التصرف فيما يتصرف فيه الأئمة وهو يجد من يعينه على القيام بأمره، ويجاهد معه ويأتمر له ويغلب على ظنه أنهم يستقلون بمعاونته ونصرته؛ فإن لم يجد من يستقل بذلك جاز له أن يعتزل الأمر.
  والأسير إذا ظفر به الإمام، فإن كان قد قتل أحداً من المسلمين قُتل به، وإن جرحه اقتصّ منه له، وإن لم يكن فعل شيئاً من ذلك حبسه الإمام، إلا أن يظهر منه قبل حبسه كيد للمسلمين وقصد إلى الإضرار بهم، والحرب قائمة بينه وبين أعدائه، فإنه يجوز له قتله.
  والجاسوس إن ثبت أنه قُتِل بجساسته أحد، قُتل وإلا حبس.