كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب وجوب الحج وذكر شروطه

صفحة 162 - الجزء 1

  وحكى عن محمد بن يحيى #: الاحتجاج في ذلك بقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}⁣[يونس: ٢٢].

  وصحة البدن التي هي التمكن من الثبات في المحمل على الراحلة شرط في وجوب الحج على الإنسان بنفسه؛ فأما في لزوم أن يحج عنه غيره فإنه إن كان وجب عليه الحج قبل أن يدفع إلى هذا العذر بحصول الاستطاعة؛ فإنه يجب عليه أن يحج عنه غيره، وإن لم يكن وجب لفقد الاستطاعة ثم وجد الزاد والراحلة وفقد صحة البدن على الحد الذي ذكرناه ففرض الحج عنه ساقط.

  قال القاسم #: فرض الحج زائل عن الشيخ الكبير والعجوز اللذين لا يثبتان على الراحلة ولا يقدر على أن يسافر بهما في محمل؛ فإن أحجّا عن أنفسهما أو حج غيرهما عنهما كان حسناً.

  والأعمى يلزمه الحج إذا وجد المال ومن يكفيه مؤنة السفر في خدمته وهدايته، على قياس قول القاسم ويحيى @ وأصحابنا قد حكوا هذه المسألة عن يحيى # أيضاً، وأحسب أنها مذكورة في (مسائل إسحاق بن إبراهيم).

  وما قاله القاسم # فيمن لا يثبت على الراحلة إنه لا يلزمه فرض الحج، فهو إذا لم يكن لزمه من قبل بوجود الاستطاعة؛ فإن كان لزمه ذلك فإنه يلزمه أن يحج عن نفسه على قياس قول يحيى #، وعلى ما ذكره أحمد بن يحيى في الصحيح والصحيحة إذا كانا ممنوعين عن الحج لمرض أو خوف أو عجز، وكذلك المرأة إذا لم يكن لها محرم أنه يُحَجُّ عنها، وقد ذكره أبوالعباس الحسني، وحكى نحو ذلك عن محمد بن يحيى #.

  وأما المرأة فمن شرط وجوبه عليها مع الزاد والراحلة: مَحْرَمٌ يحج بها، والمحرم من يحرم عليه نكاحها من ولد وغيره من قرابتها.

  قال أبو العباس: سواء كان من نسب أو رضاع.

  قال |: فإن كانت هِمَّة لا يرغب الرجال في مثلها، كان لها الخروج مع