باب ذكر أشهر الحج وما يتصل بذلك
  والإحرام ينعقد بالنية والذكر، على مقتضى كلام يحيى #، وهو الذي حصَّله أبوالعباس من المذهب فيه وخرجه؛ أن الإحرام ينعقد بالنية مع الذكر أو تقليد الهدي؛ فأما بمجرد النية أو التهيؤ والتجرد فلا يكون الإنسان محرماً حتى ينطق، أو يقلّد الهدي، سار مع الهدي أو قَدّمه.
  قال أبو العباس الحسني: وينعقد الإحرام بغير التلبية من ذكر الله سبحانه أو تسبيحه أو تعظيمه، كما ينعقد إحرام الصلاة بغير لفظ التكبير، على ما نص عليه أحمد بن يحيى # فإن نوى الحج فغلط ولبى بعمرة، لم يلزمه ما لفظ به من العمرة، ويجب أن يعود فيلبي بالحج، وإن أراد التمتع بالعمرة إلى الحج فغلط ولبى بالحج، لزمه ما عقد عليه بنيته من العمرة.
  قال أبو العباس: إن نوى حجاً أو عمرة ولم يذكر واحداً منهما فله ما نوى منهما، وإن لبّى ولم ينو شيئاً لم يلزمه شيء، وإن لم ينو إلا الإحرام فقط وضعه على ما شاء من حج أو عمرة، ولا يجزيه عن حجة الإسلام.
  وكذلك إن قرنه بذكر الحج، ولم ينو أنه من فرضه، لم يجزه عن الفرض، كما لو نوى الصوم في يوم من أيام رمضان لم يجزه عنه، ما لم ينوه أنه منه.
  وإن نوى في إحرامه أنه يحج نفلاً لم يجزه عن الفرض، على قياس قول يحيى #، وعلى ما قرره أبو العباس من المذهب.
  قال أبو العباس: فإن أحرم ونسي ما نواه وأحرم له، طاف وسعى ناوياً ما أحرم له، ثم يستقبل الإحرام له بالحج، وعليه دم لتركه التقصير أو الحلق بعد السعي؛ ودم القِرَان.
  وإن أحرم بحجتين قاصداً إلى ذلك ناوياً لهما جميعاً وجبتا عليه، ويلزمه أن يمضي في إحداهما ويرفض الأخرى، وعليه لرفضها دم، ويقضي التي رفضها في السنة الأخرى.
  وكذلك إن أحرم بعمرتين رفض إحداهما، وعليه لرفضها دم، ويمضي في