كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب المياه

صفحة 33 - الجزء 1

  حتى يصير الماء مستهلكاً فيه كماء الورد وشبهه، أو لم يغلبه ولكن تغيّر طعمه أو لونه أو رائحته كاللبن اليسير أو الزعفران إذا وقعا فيه.

  فما كان مشوباً حكماً - وهو الماء المستعمل - فالتطهر به لا يجوز، وقد ذكرنا أن الأولى أن لا يكون نجساً.

  وما شابه طاهر يتطهر به كماء المدود⁣(⁣١) ونحوه، أو ما جاوره طاهر ولم يخالطه وإنما اكتسب رائحته فالتطهر به جائز.

  وما شابه طاهر لا يتطهر به وخالطه فإنه سواء غلبه حتى صار الماء مستهلكاً فيه، كماء الورد وشبهه، أو لم يغلبه وكان قوام الماء باقياً، ولكنه غيَّر طعمه أو رائحته أو لونه، كاللبن اليسير إذا خالط الماء فغيّره أو الزعفران فإنه لا يجوز التطهر به.

  وما شابه نجس وظهرت النجاسة فيه، فإنه نجس ولا يجوز استعماله قليلاً كان أو كثيراً.

  وما لم تظهر فيه النجاسة وهو قليل فإنه نجس أيضاً ولا يجوز استعماله، وما كان كثيراً فإنه يجوز استعماله والتطهر به إذا كان لا يغلب على الظن أن النجاسة مستعملة باستعماله.

  وحد الكثير من الماء: ما لا يُسْتَوْعَب شرباً وتطهراً في مجرى العادة، والمراد به أن يكون مما لا ينقطع بالاستعمال، إما لتزايد الجريّ حالاً بعد حال، أو لقوة النبع، أو لغزارته في نفسه كالأنهار الجارية والآبار النابعة والماء الذي في البرك العظيمة.

  والقليل: ما يمكن استيعابه في مجرى العادة.

  وإن تغيّر الماء بطول المكث من غير أن شابه شيء فإنه يجوز التطهر به، وقد ذكر ذلك أبو العباس الحسني وخرّجه من كلام يحيى # ولا فصل في نجاسة الماء بمخالطة النجس بين وروده على النجاسة أو ورود النجاسة عليه،


(١) المَدُّ: كَثْرَةُ الماءِ أَيّامَ المُدُودِ وجمعه مُدُودٌ وقد مَدَّ الماءُ يَمُدُّ مَدًّا وامْتَدَّ. من تاج العروس.