كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب ضمان الأجير

صفحة 360 - الجزء 1

  بين أن تكون الأجرة مسماة أوغير مسماة، وبين أن تكون الإجارة صحيحة أو فاسدة.

  ويضمن الصناع ما أفسدوه بفعلهم، نحو أن ينغل الدباغ الأديم، أو يخرق الحداد الحديد، أو يكسر النجار الخشب؛ فإن كان الإفساد ذهب بأكثر من قيمة النصف، كان صاحب الشيء مخيراً بين أن يأخذ قيمته من الصانع صحيحاً ويسلم ذلك الشيء إليه، وبين أن يأخذه ويأخذ من الصانع قيمة النقصان.

  فإن كان ذهب بأقل من نصف قيمته، فليس له إلا أخذه وأخذ قيمة النقصان، وإن كان أفسده بحيث لا قيمة له أخذ منه القيمة.

  وإن كان الصانع أفسده بعد ما عمله واختار صاحب الشيء أخذه وألزم الصانع النقصان فله أجرة عمله، وإن اختلفا في قيمته فالبينة على صاحب الشيء، واليمين على الصانع.

  والحماميّ يضمن قيمة ما ذهب في حمامه، وإن اختلفا في قيمته كانت البينة على صاحب الشيء واليمين على الحمّامي، وكذلك القول إن اختلفا في عين ما ذهب.

  ولو أن رجلاً استأجر ظئراً على إرضاع الصبي فسقته ما يقتله؛ فإن تعمّدت ذلك فعليها القود، وإن كانت أخطأت فالدية على عاقلتها.

  والخاتن إذا قطع حشفة الصبي فمات منه، والحجام والمتطبب، والمجبّر، إذا أعنتوا ضمنوا، إلا أن يكونوا اشترطوا البراءة؛ فإن كانوا تبرأوا لم يضمنوا إلا أن لا يكونوا أهل بصر بما تعاطوه، وما يلزمهم عن جناياتهم الواقعة خطأ فإنه يلزم عاقلتهم.

  فإن كان الصانع عبداً مأذوناً له في العمل، ضمن سيده ما لزمه أو يسلمه وما في يده بجنايته؛ فإن لم يكن مأذوناً له كان ديناً في ذمة العبد يطالب به إذا عتق.

  قال أبو العباس |: لو أن رجلاً آتى حداداً حديداً ليعمل له منه