كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب ما يفسد المضاربة وما لا يفسدها

صفحة 367 - الجزء 1

  وإن أمره صاحب المال أن يتّجر في سلعة بعينها، لم يجز أن يتّجر في غيرها، فإن اشترى غيرها ضمنه المضارَب، فإن أجاز رب المال شراءه جاز ذلك؛ فإن ربح فيه كان الربح لرب المال وللعامل أجرة المثل، ولا يجاوز بها ما شرطه له من الربح، فإن لم يجزه كان الربح لبيت مال المسلمين.

  وإذا قال ربّ المال للمضارَب: تصرف في المال على أن يكون الربح بيننا، ولم يبين قدر الربح وما يكون لكل واحد منهما لم تصح المضاربة.

  ولا يجوز للمضارَب أن يخلط مال المضاربة بماله، ولا أن يدفعه مضاربة إلى غيره، إلا أن يكون ربّ المال قال له: اعمل برأيك.

  فإن خلطه بماله أو دفعه إلى غيره من غير أن يكون رب المال قال ذلك ضمنه، وإن شرط عليه رب المال أن لا يبيع السلعة نسية لم يجز أن يبيعها إلا نقداً، وإن باعها نسية ضمن.

  وكل سلعة اشتراها المضارَب قبل عقد المضاربة فإنها لا تدخل في المضاربة، وإن كان قد أخذ ثمنها من صاحب المال الذي ضاربه من بعد فوزنه في ثمنها تكون السلعة له، فإن ربح فيها فربحها له والوضيعة عليه، وفي ذمته لرب المال ما دفعه إليه، وكذلك ما يشتريه بعد عقد المضاربة بغير مالها، على قياس قول يحيى #.

  وإذا أذن صاحب المال للمضارَب في أن يستدين دنانير أو دراهم معلومة فيضمها إلى ما دفعه إليه ليكون الجميع مضاربة صحت هذه المضاربة، فإن أذن له في أن يستدين ولم يبين قدره صحت المضاربة فيما دفعه إليه ولم تصح في الدين، (ويكون الربح بينهما نصفين، أو على ما شرطا إذا كان الدين معلوماً والمضاربة صحيحة؛ فإذا لم يكن الدين معلوماً فالمضاربة فاسدة، فإذا تصرف