كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب اختلاف الواهب والموهوب له

صفحة 401 - الجزء 1

  بأعيانها.

  ومن وهب شيئاً على عوض بعينه فلم يُعْطَ ذلك العوض، فله الرجوع فيه ما دام ذلك الموهوب قائماً بعينه؛ لأنه يمكن أن يتعذّر تسليم العوض للواهب، فإن استهلك ورجع حين علم باستهلاكه صح رجوعه، وإن سكت مع علمه بذلك لم يكن له أن يرجع فيه من بعد.

  وإن كان لرجل دَيْن على رجل، فوهبه له لم يكن له الرجوع فيه، فإن وهبه على عوض فاسد صح الرجوع، على قياس قول يحيى #.

  ومن وهب شيئاً على عوض معلوم، فله أن يطالب بالعوض، فإن كان العوض مجهولاً فالهبة فاسدة يرجع فيها الواهب إن كانت قائمة بعينها أو في قيمتها إن كانت مستهلكة، على قياس قول يحيى #.

  ومن وهب لغيره شيئاً فلم يقبله الموهوب له لم تصح الهبة، وجاز للواهب الرجوع فيها، وكذلك الصدقة.

  وما يتصدق به على الصغير أو يوهب له انتظر بلوغه، فإن قَبِلَ بعد البلوغ جاز، وإن لم يقبله وفسخه لم تصح الصدقة ولا الهبة.

  ولو وهب هبة لا يجوز له الرجوع فيها ومات الواهب قبل أن يقبضه الموهوب له كان ذلك الشيء له، ولم يكن لورثته منعه منه، وكذلك إن مات الموهوب له كان الشيء لورثته، ولم يكن للواهب أن يرجع فيه.

  ومن تصدق بصدقة لم يجز له الرجوع فيها.

باب اختلاف الواهب والموهوب له

  إن قال الواهب للموهب له بعد استهلاكه للهبة: إنما وهبتُك على أن تعوّضني، وقال الموهوب له: ما علمتُ ذلك، لم يكن له عليه شيء؛ فإن ادعى الواهب أنه علم ذلك وطالبه باليمين على أنه لم يعلمه، كانت له عليه اليمين.

  ولو أن رجلاً صاغ لابنته قلباً أو غير ذلك، فلما مات طالبها إخوتها بذلك؛