كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب ما يجوز الصلح فيه وما لا يجوز

صفحة 506 - الجزء 1

كتاب الصلح والإبراء

باب الصلح

  الصلح على أصل يحيى # ينقسم قسمين: إما أن يكون حطاً لبعض الحق، فيجري مجرى الإبراء، وإما أن يكون على العوض، فيجري مجرى البيع.

  وما يكون على وجه العوض ينقسم قسمين: فمنه ما يكون عقداً على المنافع، ومنه ما يكون عقداً على الرقبة.

  فالأول، نحو: أن يكون لرجل على رجل مال وهو مقرّ به، فيصالحه منه على نصفه أو ثلثه أو أقلّ أو أكثر، فهذا صلح على وجه الحط، وإبراء الغريم من بعض الحق.

  والثاني: ما يكون منه عقداً على المنافع، نحو أن يصالحه عن حقّ عليه على سكنى دار إلى مدة معلومة، أو خدمة عبد، أو ما يجري مجرى ذلك.

  وما يكون عقداً على الرقبة، نحو أن يكون له عليه مال فيصالحه على دار أو جارية.

باب ما يجوز الصلح فيه وما لا يجوز

  الصلح جائز في الحقوق والأموال من الديون والدماء والديات وسائر الحقوق، بين البالغين من الرجال والنساء، وبين المسلمين والذميين، إذا لم يدخل فيه وجه يَحظُرُه ويمنع الشرع منه.

  ولا يجوز الصلح على الإنكار، ولا يجوز الصلح في الحدود، ولا في الأنساب، وكذلك لو كان يستحق دية فصالحه على قطع يده فإنه لا يجوز، ولا يجوز الصلح عن نقد بدين.

  ومن ادعى شيئاً فصولح على ما دونه صح الصلح، وإن صولح على أكثر منه لم يصح، وإن وقع الصلح بين الغريمين على شيء مبهم بعينه أو جزافاً لا