(وفاته # وما قيل فيه من المراثي)
  الحمد لله الذي وهب نعمةً وفضلاً، وسلب حكمة وعدلاً، وجعل الموت تحفة الأبرار، وزلفة للجوار، والصلاة والسلام على من اختار الرفيق الأعلى، وعلى آله الفائزين بالقدح المعلّى، ما صعد عمود الإيمان بصبح ثقيل تجلى.
  وبعد: فإنه ورد إلينا ما شَرِقت منه الأجفان بالدموع، واتقدت نيران الغضا في أحناء الضلوع، وفاة من ألقت عليه الإمامة شعاعها، وتألقت عليه أجناس الفضائل وأنواعها، فيا له من خطب عمّ المتمسكين بصاحب الرسالة، وخص شيعة الوصي وآله، ولم يسع غير الصبر والرضا، بما حكم به الخالق وقضى، والموت حكم شامل، فمن راحل ليومه، ومن مدعو لغده، ولم يمت من خلَّف بعده أطواد العلم الشريف، وأنصار الدين الحنيف، وأقمار المذهب الشريف، فهو كالخالد وإن أصبح في الثرى، وكالمقيم في أهله وإن أضحى في العراء ... إلى أن قال شعراً:
  مُصابُ يمنعُ الجفنَ المناما ... وخطبٌ عمّ من صلىَ وصاما
  أعاد لنا بياض الصبح ليلاً ... ومَحّق بعدها البدر التماما
  لموت إمام أهل البيت حقاً ... وشمس الفضل كهلاً أو غلاما
  حليف العلم والتقوى إذا ما ... طغى بحر الظلام ضحى وطامى
  سليل الطاهرين أبي المعالي ... وخيرُ الناس خَلقاً وابتساما
  فيا لك حادثاً قد جل حتى ... يكاد الخُفُ أن يعلو السناما
  وأعظم وحشة أنا وجدنا ... بناء الفضل ينهدم انهداما
  وأهل الجهل قد فاشوا وطاشوا ... وشدوا للجهالات الحزاما
  سأنصر ما حييت كتاب ربي ... ومن يأباه نعرضه الحساما
  فصبراً أيها الأولاد صبراً ... عسى أن تدركوا منه المراما
  فكل فتى ستدركه المنايا ... وما تبقي على أحد ذماما
  سلام الله يغشاه بخير ... ورحمته تحف به التزاما