مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الأصول التي لا يعذر المكلف بجهلها]

صفحة 86 - الجزء 1

  المسألة الرابعة: أن اللّه تعالى لا يكلف أحداً من عباده ما لا يطيقه، لأنه قبيح، وقد ثبت أن اللّه تعالى لا يفعل القبيح.

  وقد قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}⁣[البقرة/٢٨٦]، والوسع دون الطاقة.

  المسألة الخامسة: أن اللّه تعالى لا يثيب أحداً إلا بعمله، ولا يعذبه إلا بذنبه، لأن إثابة من لا يستحق الثواب تعظيم له، وهو قبيح لا يجوز على اللّه، وتعذيب من لا ذنب له قبيح أيضاً، لأنه ظلم، واللّه تعالى لا يجوز عليه القبيح والظلم بحال.

  وقد قال تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}⁣[النجم/٣٩]، وقال تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[الأنعام/١٦٤]، وغيرها.

تنبيه: [معنى الثواب والعقاب]

  وحقيقة الثواب: هي المنافع المستحقة على وجه الإجلال والتعظيم، فيخرج عنه الأعواض والتفضل، فإنها حسنة عند كل عاقل، وإن كانت لا تسمى ثواباً.

  وحقيقة العقاب: هي المضار المستحقة على وجه الإهانة، فيخرج عنه المضار النازلة على أولياء اللّه تعالى، وعلى غير المكلف، فإنها لحكمةٍ ومصالح علِمها اللّه تعالى، ولا تسمى عقاباً.

  المسألة السادسة: أن اللّه لا يريد شيئاً من معاصي عباده ولا يرضاه ولا يحبه، لأن الرضى والمحبة يرجعان إلى الإرادة، وإرادة القبيح قبيحة، واللّه تعالى لا يفعل القبيح كما مر، ولو أراد اللّه تعالى شيئًا منها لما حسن تعذيبهم على فعلها، وقد قال تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر/٧]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ}⁣[غافر/٣١]، {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}⁣[البقرة/٢٠٥].