مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في أهوال القيامة، حول فزع المؤمنين]

صفحة 137 - الجزء 1

[في أهوال القيامة، حول فزع المؤمنين]

  السؤال الأول: في أهوال يوم القيامة: هل يفزع منها المؤمن وغيره، أم مخصوصة بالمنافق ونحوه؟ إن قلتم بالأول، فقد قال تعالى: {وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}⁣[النمل/٨٩]، {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}⁣[الأنبياء/ ١٠٣]، {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}⁣[يونس/٦٢]، وإن قلتم بالثاني، فقد ورد في الأحاديث أن الفزع يعم المؤمن وغيره، بل والأنبياء حتى يجثوا على الركب، ويؤكده قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ}⁣[النمل/٨٧]، فما الجواب في ذلك بالدليل الواضح؟

  الجواب واللّه الموفق والهادي إلى الصواب: أن أهوال يوم القيامة لا يفزع منها المؤمن ولا يحزن، لأن الفزع والحزن الحقيقيين نوع من الألم، والألم نوع من العذاب، والمؤمن غير معذب قطعاً، لأنه قد صار من عند الموت في أول موقف من مواقف الآخرة التي هي دار الثواب والجزاء، وهذا هو الذي دلت عليه الأدلة المحكمة من الكتاب والسنة، مثل ما ذكره السائل من الآيات، ومثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ٣٠ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}⁣[فصلت/٣١ - ٣٠]، ولا شك أن أحداً لا يشتهي الفزع والحزن، وهذا هو اللائق بعدل اللّه تعالى وحكمته، فيجب المصير إليه، وحمل ما عارضه من الأدلة عليه، وحينئذ يجب