مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الأصول التي لا يعذر المكلف بجهلها]

صفحة 79 - الجزء 1

  المسألة الثالثة: أن اللّه لا يقضي بالمعاصي.

[معاني القضاء]

  والقضاء يطلق على معانٍ منها:

  ١ - بمعنى الخلق، كما قال تعالى {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}⁣[فصلت/١٢].

  ٢ - وبمعنى الإلزام، كما قال تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}⁣[الإسراء/٢٣].

  ٣ - وبمعنى الإعلام كما قال تعالى {وَقَضَيْنَا⁣(⁣١) إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ}⁣[الإسراء/٤].

  فيجوز أن يقال الطاعة بقضاء اللّه تعالى بمعنى إلزامه، لا بمعنى خلقه لها، لأن صحة الأمر بها والوعيد على تركها ينافي خلقه لها ضرورة.

  ولا يجوز أن تكون المعاصي بقضاء اللّه تعالى بمعنى الخلق لها، لأنه لو خلقها فيهم لم يحسن نهيهم ولا عقابهم عليها، كما أن ألوانهم لما كانت من فعله تعالى لم ينههم ولم يعاقبهم عليها.

  ولا يجوز أن تكون من قضائه بمعنى الإلزام لأنها قبيحة وباطل، واللّه تعالى لا يأمر بالقبيح والباطل، قال تعالى {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ}⁣[غافر/٢٠]، وقال تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء}⁣[الأعراف/١٢٨]، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}⁣[النحل/٩٠]، وغيرها.


(١) عداه بـ (إلى) لتضمينه معنى أوحى. تمت سماع شيخنا #.