مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الأصول التي لا يعذر المكلف بجهلها]

صفحة 89 - الجزء 1

الفصل الثالث: في الوعد والوعيد: وفيه عشر مسائل

  المسألة الأولى: أن من وعَدَه اللّه تعالى بالثواب من المؤمنين فإنه متى مات على إيمانه صائرٌ إلى الجنة لا محالة، ومُخلَّد فيها دائماً، في ثواب لا ينقطع إجماعاً.

  المسألة الثانية: أن من توعده اللّه تعالى بالعقاب من الكفار فإنه متى مات مُصِراً على كفره صائر إلى النار لا محالة ومُخلدٌ فيها دائماً في عقاب لا ينقطع إجماعاً.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه في هاتين المسألتين: أن من المعلوم ضرورة أن النبي ÷ كان يَدينُ بذلك ويُخبر به، وهو لا يَدين إلا بالحق، ولا يخبر إلا بالصدق، وقد قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ٦ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ٧ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}⁣[البينة/٨ - ٦]، وغيرها.

  المسألة الثالثة: أن من توعده اللّه تعالى من الفساق بالنار ومات مصراً على فسقه غير تائب فإنه صائر إلى النار ومخلدٌ فيها دائماً.

  والدليل على ذلك: قوله تعالى {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}⁣[الجن/٢٣]، وقوله تعالى {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ١٥ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ١٦}⁣[الإنفطار]، وغيرها من الآيات العامة والخاصة بفساق أهل القبلة، فيجب القطع بصدق ما تناوله الوعد والوعيد، لقوله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}⁣[ق/٢٨].

  فإن قيل: قد خصصت عمومات الوعيد بأهل الصغائر وبالتائبين قطعاً، لقوله تعالى {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً