مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[وصية الإمام يحيى بن حمزة #]

صفحة 313 - الجزء 1

  الدين بعد اندراسها فما تراد الإمامة إلا من أجل هذا، ولا تكون مقصودة إلا بحصوله، وإن كان المقصود منها خلاف ذلك فهي وبال على صاحبها، ووزر على كل داعٍ إليها، وفي الحديث عن النبي ÷ أنه قال:) (لا تسأل الإمارةَ، فإنها يوم القيامة حسرة وندامة، فإنك إن أُعطيتَها وُكِلْتَ إليها، وإن أُعطيتها عن مسألة وُكلتَ إليها، وإن أُعطيتَها من غير مسألة أُعنتَ عليها»، فنعوذ بالله من خسران النفوس، والتورط في متالف الأطماع.

  وأنا أستغفر الله العظيم من تفريط جرى مني في نصرة مظلوم، أو إعانة مسكين، أو إغاثة ملهوف، فما كان ذلك إلا من أجل تقاعد الخلق عن نصرتي، والإعراض عما دعوتهم إليه، والإكباب على تحصيل أغراض حقيرة من الدنيا، لا نالوها فينعموا، ولا أعرضوا عنها فيستريحوا، فصبرت على الخذلان والنكوص عن نصرة الدين، حتى يقضي الله لي بأمره، ويجبرني بجبر من عنده، على همٍّ وغمٍّ من مقامات الظلم، ومعانات الشدائد، وارتكاب الفجور، والتلبس بالفواحش، وكانت لنا الأسوة برسول الله ÷ في إقامته بمكة على مكابدة وشدة، وصعوبة في الأمر، حتى فرج الله عليه بإنجاز ما وعده من إظهار الدين بمراغم المشركين.

  ثم أقول حق على من كان الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والقبر مقره، وبطن الأرض وطنه ومستقره، واللحد ضامه، والدود أنيسه، ونكير ومنكر جليسه، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده، أن لا يزال فكره إلا في الموت وأهواله، ولا همة له في انقطاع العمر وزواله، ولا ذكر إلا له، ولا فكر إلا فيه، ولا استعداد إلا لأجله، ولا تدبر إلا لوقوعه، ولا تعريج إلا عليه، ولا اهتمام إلا به،