مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الأصول التي لا يعذر المكلف بجهلها]

صفحة 71 - الجزء 1

الفصل الأول: في توحيد اللّه تعالى

  ومعنى التوحيد: ما قاله الوصي #: «التوحيد أن لا تَتَوهمه، والعدل ألا تتهمه»، وصدق # فإنه من توهم اللّه تعالى أو كيّفه أو مَثّلَه فلم يوحده.

  وفيه عشر مسائل:

  المسألة الأولى: أن تعلم أن لهذا العالم صانعاً صنعه، وخالقاً دبره وأحكمه.

  والدليل على ذلك: أنّا وجدنا عليه - أي العالمِ - أثر الصنعة الرصينة، المحكمة العظيمة المتقنة، والتأليف والتركيب والاتساق والترتيب، ووضع كل شيءٍ في موضعه، مع الإحكام والتدبير العجيب، ومِن لازم ذلك كله الحدوث، وكل محدَث لابد له من محدِث ضرورة، لاستحالة وجود بناءٍ لا باني له، وأثر من دون مؤثِّر، فعلمنا بذلك أن اللّه تعالى هو الذي أحدث العالم وكوَّنه، وأحكمه ودبره، ومن العدم أخرجه.

  ودليل ثانٍ: وهو أنا علمنا أن في الجسم عَرَضاً غيره، وعلمنا أن ذلك العَرَض مُحدَث، وعلمنا أن ذلك الجسم لم يخْلُ عنه، وعلمنا أن ملازمته إياه تسلتزم حدوثه، فعلمنا أن له محدِثاً وهو اللّه تعالى.

  ودليل ثالثٍ: وهو قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}⁣[البقرة/١٦٤]، وقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}⁣[الذاريات/٢٦]، وغيرها من الآيات المثيرة لدفائن العقول.