أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[حكم المندوب كحكم المنادى يشترط في المندوب ألا يكون نكرة ولا مبهما]

صفحة 49 - الجزء 4

هذا باب النّدبة

[حكم المندوب كحكم المنادى يشترط في المندوب ألا يكون نكرة ولا مبهما]

  حكم المندوب - وهو المتفجّع عليه أو المتوجّع منه⁣(⁣١) - حكم المنادى؛ فيضمّ


=

ويوم عقرت للعذارى مطيّتي ... فيا عجبا من كورها المتحمّل

وقول الراجز:

يا عجبا من هذه الفليقه ... هل تذهبنّ القوباء الرّيقه

ومن ذلك قول الفرزدق:

فوا عجبا حتّى كليب تسبّني ... كأنّ أباها نهشل أو مجاشع

ومن ذلك قول الأعشى:

لو أسندت ميتا إلى صدرها ... عاش ولم ينقل إلى قابر

حتى يقول الناس ممّا رأوا ... يا عجبا للميّت النّاشر

والصورة الثانية: ما لم يبدأ باللام ولم يختم بالألف، نحو (يا عجب) وبذلك يتم شبه المتعجب منه بالمستغاث في كل استعمالاته.

(١) عرف المؤلف المندوب بأنه المتفجع عليه أو المتوجع منه، وهذا التعريف قاصر، لأنه يشمل ما لا يسمى مندوبا في الاصطلاح، وذلك نحو قولك (تفجعت على زيد) و (أنا متفجع على زيد) و (توجعت من صداع رأسي) و (أنا متوجع من جرح بقدمي) وكان عليه أن يزيد في التعريف قوله (بوا أو بيا) حتى لا يشمل المندوب ما ذكرنا من الأمثلة ونحوها، ومنه تعرف أن الندبة اصطلاحا هي (نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه بوا أو بيا).

والتفجع: هو إظهار الحزن وقلة الصبر عند نزول حادث.

ثم التفجع قد يكون حقيقة وقد يكون حكما، فأما التفجع حقيقة فكما يكون في رثاء الميت كبيت جرير في عمر بن عبد العزيز وهو الشاهد ٤٣٠ الذي سيعيده المؤلف بعد كلمات، وأما التفجع حكما فكقول عمر بن الخطاب ¥ وقد أخبر بجدب شديد أصاب العرب (واعمراه، واعمراه).

والمتوجع منه قد يكون محل الألم، وقد يكون سبب الألم، فأما محل الألم فمثل قولك (وارأساه) و (وارجلاه) ومنه قول المجنون:

فواكبدا من حبّ من لا يحبّني ... ومن عبرات ما لهنّ فناء

وأما سبب الألم فمثل قولك (وامصيبتاه) ومنه قول ابن قيس الرقيات:

تبكيهم الدّهماء معولة ... وتقول سلمى وا رزيّتيه