أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[للحال أربعة أوصاف]

صفحة 264 - الجزء 2

[وثالثها: أن تكون نكرة، وترد معرفة مؤولة بنكرة]

  الثالث: أن تكون نكرة لا معرفة⁣(⁣١)، وذلك لازم؛ فإن وردت بلفظ المعرفة أوّلت بنكرة، قالوا: «جاء وحده»⁣(⁣٢) أي: منفردا و «رجع عوده على


(١) فإن قلت: فلماذا وجب أن تكون الحال نكرة مع أن الحال وصف لصاحبها، والوصف كما يكون بالنكرة يكون بالمعرفة؟.

فالجواب عن ذلك أن نقول لك: إن الحال لما كانت - كما قلت آنفا - وصفا لصاحبها كان الغالب فيها أن تكون مشتقة، وأنت تعلم أن صاحب الحال لا يكون إلا معرفة، فإن كان صاحبها نكرة وجب أن يكون لها مسوغ، فلو أنه جاز أن تكون الحال معرفة في حين أن صاحبها معرفة لتوهم السامع أنها نعت في حال وقوع صاحبها في موقع النصب نحو قولك (ضربت اللص المقيد) ففروا من توهم كونها نعتا في هذه الحال فالتزموا تنكيرها لتكون مخالفة لصاحبها في التعريف والتنكير فلا يتوهم متوهم أنها نعت لأن النعت يجب موافقته للمنعوت فيهما.

(٢) اعلم أن كلمة (وحد) اسم يدل على التوحد والانفراد، وأن أغلب استعمال هذا اللفظ استعماله منصوبا، إما لفظا كما في قولهم (جاء وحده) وقولهم (اجتهد وحدك) ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} من الآية ٨٤ من سورة غافر، وإما منصوبا تقديرا، وذلك إذا أضيف لياء المتكلم، كما في قول الشاعر:

والذّئب أخشاه إن مررت به ... وحدي، وأخشى الرّياح والمطرا

وقد وردت هذه الكلمة مجرورة بالإضافة في خمس كلمات، قالوا في المدح: (فلان نسيج وحده) وقالوا: (فلان قريع وحده) وقالوا في الدلالة على الإعجاب بالنفس:

(فلان رجيل وحده) ومن الأول من هذه الألفاظ قول عائشة أم المؤمنين في عمر ®: (كان واللّه أحوذيا نسيج وحده).

ومنه قول الراجز:

جاءت به معتجرا ببرده ... سفواء تردي بنسيج وحده

وقالوا عند إرادة الذم: (فلان عيير وحده) و (فلان جحيش وحده) والعيير: تصغير عير وهو الحمار، والجحيش: تصغير جحش وهو ولد الحمار، وكلاهما بفتح أوله وسكون ثانيه.

ثم اعلم ثانيا أن النحاة قد اختلفوا في تخريج (وحده) في حال النصب.

فقال سيبويه والخليل بن أحمد: هو اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع المشتق، فهو منصوب على الحال، وكأنك حين تقول: (جاء زيد وحده) قد قلت: =