هذا باب ما لا ينصرف
هذا باب ما لا ينصرف
  الاسم إن أشبه الحرف بني كما مر، وسمّي غير متمكن، وإلّا أعرب، ثم المعرب إن أشبه الفعل منع الصرف كما سيأتي، وسمّي غير أمكن، وإلّا صرف، وسمّي أمكن(١).
  والصّرف: هو التنوين الدالّ على معنى يكون الاسم به أمكن، وذلك المعنى
(١) اعلم أولا أن في الفعل دلالة على أنه فرع عن الاسم، من جهة لفظه ومن جهة معناه، أما أنه بدل على أنه فرع عن الاسم من جهة لفظه فقد اختلف فيها البصريون والكوفيون، أما البصريون فقالوا: إن دلالة لفظه على أنه فرع عن الاسم من جهة كونه مأخوذا ومشتقا من المصدر الذي هو اسم، ولا شك أن المأخوذ فرع من المأخوذ منه، وهذا مبني عند البصريين على أن أصل الاشتقاق هو المصدر، وأما الكوفيون فقالوا:
إن دلالة لفظ الفعل على أنه فرع عن الاسم من جهة كونه مركبا من الحدث والزمان، فهو يدل على الحدث بمادته أي حروفه التي يتألف منها ويدل على الزمان بصيغته أي هيئته، وذلك مبني عند الكوفيين على قولهم بأن المصدر ليس أصل المشتقات وإنما أصلها الفعل. وأما أن في معنى الفعل - وهو الحدث - دلالة على أنه فرع عن الاسم فلأن الحدث لا بد له من محدث يحدثه وهو الذي يسمى في علم النحو الفاعل، وقد علمت أن الفاعل لا يكون إلا اسما، فكان الفعل محتاجا إلى الاسم، ولا شك أن المحتاج فرع عن المحتاج إليه وتابع له، وهذا متفق عليه عند الفريقين.
ثم اعلم أن للفعل أحكاما منها أنه لا ينون، لما قد علمت أن التنوين من خصائص الأسماء، ومنها أنه لا يجر، فقد علمت أن الاسم يختص من ألقاب الإعراب بالجر والفعل يختص منها بالجزم.
فإذا علمت هذا سهل عليك أن تعلم أن الاسم إذا وجد فيه علتان تدل على أنه فرع وكانت إحدى هاتين العلتين راجعة إلى لفظه والأخرى راجعة إلى معناه فإنه حينئذ يكون قد أشبه الفعل، وقد علمت مرارا أن الشيء إذا أشبه الشيء، وقوي هذا الشبه، فإنه يأخذ حكم ما أشبهه، فإذا أشبه الاسم الفعل في علة واحدة، أو أشبهه في وجود علتين كل منهما يرجع إلى اللفظ - بل لو اجتمعت فيه علل كثيرة ترجع إلى جهة واحدة لم يكن شبهه بالفعل قويا، ومتى وجدت العلتان اللتان ترجع إحداهما لمعناه والأخرى للفظه قوي شبهه بالفعل فأخذ حكمه وهو امتناعه من التنوين ومن الجر بالكسرة.