أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تعدد الخبر لمبتدأ واحد]

صفحة 206 - الجزء 1

[فصل: تعدد الخبر لمبتدأ واحد]

  فصل: والأصحّ جواز تعدّد الخبر⁣(⁣١)، نحو: «زيد شاعر كاتب»، والمانع يدّعي تقدير «هو» للثاني، أو أنّه جامع للصفتين، لا الإخبار بكل منهما.

  وليس من تعدد الخبر ما ذكره ابن الناظم من قوله:

  [٧٩] -

  يداك يد خيرها يرتجى ... وأخرى لأعدائها غائظه


= بنصب «حكمك» على أنه مفعول به لفعل محذوف، ونصب «مسمطا» على أنه حال، فما ذكره النحاة رواية ثالثة، ولعلها مركبة من هاتين الروايتين. وقد قالوا: إن شذوذ هذه الرواية من وجهين؛ أولهما: أن نصب الحال مع صلاحيته للإخبار به غير مستعمل في كلامهم، وثانيهما: أن الحال ليست من ضمير معمول المصدر، بل من ضمير المصدر المستتر في الخبر.

(١) ذهب جمهور النحاة إلى جواز تعدد الخبر لفظا ومعنى لمبتدأ واحد في اللفظ والمعنى، نحو قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} ومعنى تعدد الخبر في اللفظ والمعنى أن يكون الخبر لفظين يستقل كل واحد منهما بالدلالة على معنى مفيد بحيث لا يحتاج أحدهما إلى الآخر في تكميل معناه، ومعنى كون المبتدأ واحدا في اللفظ والمعنى أن يكون لفظه واحدا ومدلوله واحدا، فإن كان الخبر لفظين لكن مجموعهما يدل على معنى واحد، ولا يمكن الاكتفاء بأحدهما، نحو «حلو حامض» ونحو «عسر يسر» أو «أعسر أيسر» فإن الأول يدل على معنى واحد وهو مزّ: أي جامع بين الحلاوة والحموضة، والثاني والثالث يدل على معنى واحد، وهو عامل بكلتا يديه، لم يكن ذلك من محل الخلاف بين النحاة، وإن كان المبتدأ لفظا واحدا لكنه يدل على متعدد كالمثنى نحو «ولداك عالم وطبيب» وكالشاهد رقم ٧٩ وكالجمع نحو «أصدقاؤك مصري وسوري وسوداني» لم يكن ذلك أيضا من محل الخلاف بين النحاة.

ومن تقرير المسألة على هذا الوجه الواضح تعلم أن ابن الناظم حين مثل لتعدد الخبر لمبتدأ واحد لم يقتصر على محل الخلاف، ولكنه مثّل للتعدد في حد ذاته بقطع النظر عن كونه داخلا في محل الخلاف أو غير داخل، وأن المؤلف حين نقد أمثلته التزم ما هو محل الخلاف، فلم يلتق كلامهما على معنى واحد للتعدد، فلا تناقض لأن من شرط التناقض اتحاد موضوع الكلامين، فافهم ذلك.

[٧٩] - هذا بيت من المتقارب، وقد نسب قوم هذا البيت إلى طرفة بن العبد البكري، وقد بحثت ديوان شعره فلم أجده فيه، وقال العيني في شرح الشواهد عن هذا البيت:

«أنشده الخليل، وما قيل إنه لطرفة لم يثبت» اه. =