أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[مما تلزم إضافته «غير»]

صفحة 136 - الجزء 3

[مما تلزم إضافته «غير»]

  ومنها (غير) وهو اسم دال على مخالفة ما قبله لحقيقة ما بعده⁣(⁣١)، وإذا وقع بعد (ليس) وعلم المضاف إليه جاز ذكره ك (قبضت عشرة ليس غيرها)⁣(⁣٢) وجاز حذفه لفظا، فيضمّ بغير تنوين، ثمّ اختلف، فقال المبرد: ضمة بناء؛ لأنّها كقبل في الإبهام فهي اسم أو خبر، وقال الأخفش: إعراب؛ لأنها اسم ككلّ وبعض، لا ظرف كقبل وبعد، فهي اسم لا خبر، وجوّزهما ابن خروف، ويجوز الفتح قليلا مع التنوين ودونه، فهي خبر، والحركة إعراب باتفاق، كالضم مع التنوين⁣(⁣٣).


=

وأفنى رجالي فبادوا معا ... فأصبح قلبي بهم مستفزّا

ومن ذلك قول متمم بن نويرة:

فلمّا تفرّقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

ومن ذلك قول متمم بن نويرة أيضا:

يذكرن ذا البثّ الحزين ببثّه ... إذا حنّت الأولى سجعن لها معا

ومن ذلك قول الآخر:

كنت ويحيى كيدي واحد ... نرمي جميعا ونرامي معا

(١) المراد بالحقيقة ههنا المفهوم من اللفظ، فيشمل قولنا: (زيد غير عمرو) لأن مفهوم زيد هو الذات بما ينضم إليها من المشخصات، وكذلك المراد بعمرو، ولا شك أن هذه الذات بمشخصاتها مخالفة لهذه الذات بمشخصاتها، وإنما قلنا ذلك لأن الحقيقة بمعنى الماهية لا تصح إرادتها ههنا، لأن ماهية زيد - وهي الحيوان الناطق - هي حقيقة عمرو وماهيته، وقد مثلوا لما يكون ما بعد غير مخالفا لحقيقة ما قبلها بقولهم (زيد غير عمرو) فلو لم نجعل الحقيقة بمعنى المفهوم لم يصح هذا المثال.

(٢) يجوز في (غير) في هذا المثال الذي ذكر فيه المضاف إليه: الضم والنصب، فإن ضممته فهو اسم ليس، وخبرها محذوف، والتقدير: ليس غيرها مقبوضا، وإن نصبته فهو خبر ليس، واسمها هو المحذوف، والتقدير: ليس المقبوض غيرها.

(٣) حاصل ما ذكره المؤلف في غير التي لم يذكر معها المضاف إليه نحو (قبضت عشرة ليس غير) أنه يجوز في (غير) هذه ثلاثة اعتبارات: الاعتبار الأول أن تكون مقطوعة عن الإضافة لفظا ومعنى، نعني أنك لا تقدر معها مضافا إليه أصلا، لا لفظه ولا معناه، والاعتبار الثاني: أن تقدرها مقطوعة عن الإضافة لفظا فقط، ولكن تقدر معنى المضاف إليه، والاعتبار الثالث: أن تعتبر لفظ المضاف محذوفا للعلم به وهو منويّ فتكون كأن (غير) مضاف. =