أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[ناصبه أربعة]

صفحة 142 - الجزء 4

[الناصب الثالث «أن»]

  الثالث: (أن) في نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا}⁣(⁣١) {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي}⁣(⁣٢)، وبعضهم يهملها حملا على (ما) أختها، أي: المصدرية، كقراءة ابن محيصن {لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ}⁣(⁣٣)، وكقوله:


= الغائبة العائد إلى القربة مفعول به (شنا) حال من المفعول أو مفعول ثان لتترك (ببيداء) جار ومجرور بتترك (بلقع) صفة لبيداء.

الشاهد فيه: قوله (لكيما أن) فإن (كي) هنا يجوز أن تكون مصدرية فتكون (أن) مؤكدة لها، وذلك بسبب تقدم اللام الدالة على التعليل التي يشترط وجودها أو تقديرها، قبل كي المصدرية، ويحتمل أن تكون (كي) تعليلية مؤكدة للام فيكون السابك هو (أن) وحدها، ولولا (أن) لوجب أن تكون (كي) مصدرية، ولولا وجود اللام لوجب أن تكون كي تعليلية.

ومثل هذا الشاهد قول الآخر، وأنشده أبو ثروان:

أردت لكيما أن ترى لي عثرة ... ومن ذا الّذي يعطى الكمال فيكمل

(١) سورة البقرة، الآية: ١٨٤.

اعلم أن (أن) المصدرية تقع في أول الكلام فيكون المصدر المؤول منها ومن مدخولها مبتدأ، نحو قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} وقول العرب في مثل من أمثالهم (أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) وقولهم في مثل آخر (أن ترد الماء بماء أكيس) والتقدير في الآية الكريمة: صيامكم خير لكم، وفي المثل الأول: سماعك بالمعيدي خير من رؤيتك إياه، وفي المثل الثاني: ورودك الماء بماء أكيس، أي أكثر دلالة على العقل، وتقع أن في وسط الكلام فيكون المصدر فاعلا نحو قوله تعالى: {أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} التقدير: ألم يأن للذين آمنوا خشوع قلوبهم، أو يكون المصدر مفعولا به نحو قوله تعالى: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها} التقدير: فأردت عيبها، أو يكون المصدر مجرورا بالإضافة نحو قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ} التقدير: من قبل إتيان يوم، أو يكون مجرورا بحرف الجر نحو قول الراجز:

من أن رأت رأسي كرأس الأصلع

التقدير: من رؤيتها رأسي - إلخ.

(٢) سورة الشعراء، الآية: ٨٢.

(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٣٣، وقد خرج قوم من النحاة قراءة ابن محيصن هذه على أصلها: لمن أراد أن يتموا الرضاعة فهو منصوب بحذف النون، والجمع بالنظر إلى =