الفصل الرابع في المنادى المضاف للياء
  أصله بقولي يا لهفا، ومنهم من يكتفي من الإضافة بنيّتها، ويضمّ الاسم كما تضمّ المفردات، وإنما يفعل ذلك، فيما يكثر فيه، أن لا ينادى إلا مضافا، كقول بعضهم: (يا أم لا تفعلي)، وقراءة آخر: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ}(١).
[الرابع: ما فيه عشر لغات، وهو الأب والأم]
  الرابع: ما فيه عشر لغات، وهو الأب والأم؛ ففيهما مع اللغات الست: أن تعوّض تاء التأنيث عن ياء المتكلم، وتكسرها، وهو الأكثر، أو تفتحها وهو الأقيس، أو تضمّها على التشبيه، بنحو: ثبة وهبة، وهو شاذ، وقد قرئ بهن، وربما جمع بين التاء والألف، فقيل: (يا أبتا)(٢) و (يا أمّتا) وهو كقوله:
  أقول يا اللّهمّ يا اللّهمّا(٣) [٤٣٩]
= معطوف على ليت.
الشاهد فيه: قوله (بلهف) فإن الباء حرف جر، ومجرورها محذوف، و (لهف) منادى بحرف نداء محذوف أيضا، وهو مضاف إلى ياء المتكلم، وقد قلبت ياء المتكلم ألفا وقلبت - مع ذلك - الكسرة التي كانت قبلها فتحة، ثم حذفت هذه الألف اجتزاء بفتح ما قبلها، وأصل الكلام: بقولي يا لهفي، ثم صار: بقولي لهفا، ثم صار بلهف، كما في البيت.
(١) سورة يوسف، الآية: ٣٣.
(٢) ومن ذلك قول الشاعر:
تقول بنتي: قد أنى أناكا ... يا أبتا علّك أو عساكا
ونظيره قول الآخر:
يا أبتا أرّقني القذّان ... فالنّوم لا تطعمه العينان
ومن الناس من ينشد قول الأعشى، وهو كذلك في ديوانه:
أيا أبتا لا ترم عندنا ... فإنّا بخير إذا لم ترم
على هذا الوجه، ومنهم من ينشده (أبانا فلا رمت من عندنا) فلا شاهد فيه.
(٣) هذا بيت من الرجز المشطور، وهو لأبي خراش الهذلي أو لأمية بن أبي الصلت، وقد مضى الاستشهاد به قريبا (وهو الشاهد رقم ٤٣٩). والغرض من ذكر هذا الشاهد هنا التنظير لقول بعضهم (يا أبتا) فإن في كل منهما جمعا بين العوض والمعوض منه.
ولا شك أن جعل هذا مما جمع فيه بين العوض الذي هو التاء والمعوض منه الذي هو الألف المنقلبة عن ياء المتكلم إنما يجري على رأي ابن جني، لأنه هو الذي يرى أن =