[فصل: في ذكر معاني الحروف.]
[تفصيل القول في معنى مذ ومنذ]
  والظرفية إن كان حاضرا، نحو: (منذ يومنا) وبمعنى من وإلى معا إن كان معدودا، نحو: (مذ يومين).
[معنى «رب»]
  وربّ للتكثير كثيرا، وللتقليل قليلا(١)؛ فالأول كقوله عليه الصلاة والسّلام(٢): «يا ربّ كاسية في الدّنيا عارية يوم القيامة»، وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان: (يا ربّ صائمه لن يصومه، وقائمه لن يقومه) والثاني كقوله:
  [٣٠٢] -
  ألا ربّ مولود وليس له أب ... وذي ولد لم يلده أبوان
  يريد بذلك آدم وعيسى عليهما الصلاة والسّلام.
= الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بعفت.
الشاهد فيه: قوله (منذ أزمان) حيث دخلت (منذ) على لفظ دال على الزمان والمراد به الزمان الماضي؛ فدلت على ابتداء الغاية الزمانية، وهو دليل للكوفيين على أن (منذ) قد تكون لابتداء الغاية الزمانية.
(١) أراد المؤلف بهذه العبارة الرد على فريقين، أحدهما زعم أنها للتقليل دائما وهم أكثر النحاة، وثانيهما زعم أنها للتكثير دائما، وهم ابن درستويه وجماعة وافقوه على ذلك.
(٢) وحمل العلماء على هذا المعنى قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ} ووجه الدلالة من الآية الكريمة ومن الحديث على أن (رب) فيهما للتكثير، وليست للتقليل، أن كلّا منهما مسوق للتخويف، ولا يناسب التخويف أن يكون القليل هو ودادتهم أن يكونوا مسلمين، ولا أن يكون القليل هو أن يعرى في الآخرة من كان كاسيا في الدنيا.
ومن مجيئها للتكثير أيضا قول امرئ القيس:
أيا ربّ يوم قد لهوت وليلة ... بآنسة كأنّها خطّ تمثال
وذلك لأنه يفتخر بهذا اللهو، ولا يتناسب مع مقام الفخر أن يكون مراده حصول ذلك قليلا.
[٣٠٢] - نسبوا هذا الشاهد إلى رجل من أزد السراة، ولم يزيدوا في التعريف به عن ذلك المقدار، وذكر الفارسي أن هذا الشاهد لرجل اسمه عمرو الجنبي، وأن من حديثه أنه لقي امرأ القيس بن حجر في بعض الفلوات؛ فسأله بهذا البيت على سبيل المعاياة. =