[للحال أربعة أوصاف]
[ورابعها: أن تكون نفس صاحبها، وتقع مصدرا منكرا بكثرة ومعرفا بقلة]
  الرابع: أن تكون نفس صاحبها في المعنى، فلذلك جاز: «جاء زيد ضاحكا» وامتنع «جاء زيد ضحكا».
  وقد جاءت مصادر أحوالا، بقلّة في المعارف، ك «جاء وحده»، و «أرسلها العراك».
  وبكثرة في النّكرات(١)، ك «طلع بغته»، و «جاء ركضا»، و «قتلته صبرا»، وذلك على التأويل بالوصف، أي: مباغتا، وراكضا، ومصبورا، أي: محبوسا.
= وأصل العراك مصدر بمعنى ازدحام الإبل أو غيرها حين ورود الماء، ولم يذدها: لم يمنعها ولم يطردها، والنغص - بفتح النون والغين جميعا - مصدر (نغص الرجل) - من مثال فرح - إذا لم يتم مراده، و (نغص البعير) إذا لم يتم شربه، والعراك كما ترى مصدر مقترن بأل، فهو معرفة، وللنحاة في تخريجه ثلاثة مذاهب:
الأول - وهو مذهب سيبويه - أن هذا المصدر حال - مع مخالفة لفظه للأصل في الحال من وجهين: كونه مصدرا، وكونه معرفة - وهو في التأويل وصف منكر، وكأنه قد قال: أرسلها معاركة.
الثاني - وهو مذهب الكوفيين - أن (العراك) مفعول ثان لأرسل، بعد أن ضمن أرسل معنى أورد، فإنك تقول (ورد البعير الماء) فيتعدى الفعل إلى مفعول واحد، وفي القرآن الكريم {وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ} وفيه {لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها} وتقول (أوردت بعيري الماء) فيتعدى الفعل بالهمزة إلى مفعول ثان، وفي القرآن الكريم {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} وكأنه لما قال (فأرسلها العراك) قد قال:
فأوردها العراك، أي الازدحام، وأراد مكانه، ومع ثقافة هذا التخريج نرى فيه من التكلف ما لا يخفى على متأمل.
المذهب الثالث - وهو مذهب أبي علي الفارسي - وحاصله أن (العراك) مصدر باق على مصدريته، وهو مفعول مطلق مؤكد لعامله مع أنه مبين لنوع عامله الذي يقدر وصفا منكرا، ويكون هذا العامل حالا من الضمير البارز المتصل العائد على الأتن، وكأنه قد قال: فأرسلها معتركة العراك، أي مزدحمة الازدحام المعهود.
(١) اعلم أولا أن للعلماء خلافين في هذا الموضوع، أحدهما في إعراب نحو (ركضا) من قولهم (جاء زيد ركضا) ولم يتعرض المؤلف لهذا الخلاف، بل اختار مذهب سيبويه كما اختاره ابن مالك - وهو أحد آراء كثيرة في المسألة - ولم يتعرض لغيره بإثبات ولا =