هذا باب النداء وفيه فصول
الجزء الرابع
  
هذا باب النداء(١) وفيه فصول
(١) لم يعرف المؤلف النداء ولا المنادى الذي هو المقصود بهذا الباب، النداء - بكسر النون ممدودا، وقد تضم النون - أصله رفع الصوت، من قولهم (ندي صوته يندى - من باب فرح) إذا ارتفع وعلا، وقد استعمل النداء في الدعاء بلفظ أي لفظ كان، وفي اصطلاح النحاة هو الدعاء بأحد الحروف التي ذكرها المؤلف، وعلى هذا يكون المنادى لغة هو المدعو لكي يقبل عليك ويستمع إليك، سواء أدعوته بأحد هذه الحروف أم دعوته بغيرها، وفي اصطلاح النحاة هو المدعو بحرف من هذه الحروف خاصة.
وقد اختلف النحاة في عامل المنادى، ولهم في ذلك خمسة أقوال:
الأول: وهو رأي الجمهور - أن عامله فعل مضمر وجوبا فهو مفعول به، وإنما وجب إضمار هذا الفعل لأربعة أسباب، أولها: الاستغناء بظهور معناه، وثانيها أنهم قصدوا بعبارة النداء الإنشاء ووجدوا إظهار الفعل يوهم الإخبار فتحاشوا إظهاره، وثالثها كثرة استعمالهم النداء في كلامهم، ورابعها أنهم عوضوا من هذا الفعل حرف النداء، وقد عرفت مرارا أنهم لا يجمعون في الكلام بين العوض والمعوض منه.
والقول الثاني: أن العامل في النداء هو القصد، وعلى هذا يكون العامل معنويا لا لفظيا، وهذا القول مردود بأنا لم نعهد في عوامل النصب عاملا معنويا، وإنما عهدنا ذلك في عوامل الرفع كالابتداء الرافع للمبتدأ والتجرد الرافع للفعل المضارع.
والقول الثالث: أن العامل في المنادى هو حرف النداء على سبيل النيابة عن الفعل والعوض به منه، وإلى هذا ذهب أبو علي الفارسي، وجعل المنادى مشبها بالمفعول به =