أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[ناصبه أربعة]

صفحة 148 - الجزء 4

[الرابع من النواصب «إذن»]

  الرابع: (إذن) وهي حرف جواب وجزاء⁣(⁣١)، وشرط إعمالها ثلاثة أمور:


= قررناه هو كما قلنا مذهب سيبويه، وذهب أبو العباس المبرد إلى أن العبرة باللفظ، فكلما كان اللفظ موضوعا لليقين كانت (أن) بعده مخففة من الثقيلة وكلما كان اللفظ موضوعا للتردد كانت أن مصدرية ناصبة، ولا يجوز عنده إجراء العلم مجرى الظن، ولا إجراء الظن مجرى العلم، كما كان الأمران جائزين عند سيبويه.

الأمر الثاني: أن مذهب الجمهور والمبرد معهم متفقان على أن ثمة موضعا تتعين فيه أن المخففة من الثقيلة وهو أن يكون السابق عليها كلاما دالّا على اليقين إما بلفظه كما هو رأي المبرد وإما بمعناه كما هو رأي سيبويه، وقد ذهب الفراء وابن الأنباري إلى أنه ليس لها موضع تتعين فيه، بل يجوز أن تقع (أن) المصدرية الناصبة للمضارع بعد صريح العلم الباقي على معناه.

(١) قد اختلف النحاة في (إذن) التي يقع بعدها الفعل المضارع منصوبا اختلافا كثيرا ذا مراتب يعقب بعضها بعضا، ونحن نذكر لك هذه الاختلافات على وجه الإجمال.

الخلاف الأول: أهي حرف أم اسم؟ ولهم في ذلك - على وجه الإجمال - قولان، أحدهما: أنها اسم، ثم قيل: أصلها (إذا) الظرفية التي تتضمن معنى الشرط، وأنه إذا قيل لك (سأزورك) فقلت في جواب هذا الكلام (إذا أكرمك) فإن أصل كلامك: إذا زرتني أكرمك، فجملة زرتني بعد إذا في محل جر بإضافة إذا إليها؛ وقد حذفت هذه الجملة، وعوض عنها تنوين إذا، وحذفت الألف للتخلص من الساكنين، فأما ناصب المضارع بعدها فهو (أن) المصدرية مضمرة، وأن المصدرية المضمرة ومدخولها في تأويل مصدر يكون فاعلا لفعل محذوف، والتقدير: إذن وقع إكرامك، أي إذا زرتني وقع إكرامك، وهذا قول جماعة من الكوفيين، وقيل: أصلها إذ - بسكون الذال - وهو الظرف المختص وضعا بالزمان الماضي - ثم حذفت الجملة التي تضاف إليها إذ، وعوض عنها التنوين، ثم فتحت الذال ليكون في صورة ظرف منصوب، ثم جعل صالحا لجميع الأزمنة بعد ما كان مختصا بالماضي، وضمن معنى الشرط، وهذا رأي رضي الدين شارح الكافية، وهذا الكلام - ومثله كلام الكوفيين السابق - أشبه الأشياء بالتكهنات التي نحب لك ألا تلقي إليها بالا، والقول الثاني أنها حرف، وهو قول جمهور النحاة، وهو القول الخليق بالقبول.

الخلاف الثاني: بعد اختيار كون (إذن) هذه حرفا، أهو بسيط أم مركب؟ ولهم في ذلك مذهبان إجمالا، الأول أنها مركبة، ثم قيل: هي مركبة من (إذ) بسكون الذال - و (أن) =