[تزاد كلمة «ما» بعد من وعن والباء فلا تكفهن عن عمل الجر، وبعد رب والكاف فتكفهما وقد يبقى عملهما قليلا]
[تزاد كلمة «ما» بعد من وعن والباء فلا تكفهن عن عمل الجر، وبعد رب والكاف فتكفهما وقد يبقى عملهما قليلا]
  فصل: تزاد كلمة (ما) بعد (من) و (عن) والباء؛ فلا تكفّهنّ(١) عن عمل الجرّ،
= مذ ومنذ - إذا وقعت بعد أحدهما جملة فعلية كما في الشاهد رقم ٣٠٦، أو جملة اسمية كما في الشاهد رقم ٣٠٧ - يكونان حينئذ اسمين غير ظرفين، وأن كلا منهما حينئذ مبتدأ خبره محذوف، وتقدير قول الشاعر (مذ أنا يافع): أمد بغائي المال وقت أنا يافع، وتقدير قول الآخر (مذ عقدت يداه إزاره): أمد ارتقاب الخير فيه زمان عقدت يداه إزاره، وإليك نص عبارة ابن هشام في المغني، قال: (الحالة الثانية أن يليهما الجملة الفعلية أو الاسمية.. والمشهور أنهما حينئذ ظرفان مضافان، فقيل: إلى الجملة، وقيل: إلى زمن مضاف إلى الجملة، وقيل: مبتدآن فيجب تقدير زمان مضاف إلى الجملة يكون هو الخبر) فأنت تراه يصرح بذكر الخلاف في أنهما ظرفان أو اسمان ليسا ظرفين، لأن من يقول إنهما مبتدآن لا يقول بظرفيتهما، فما جعله متفقا عليه في أوضح المسالك جعله المشهور في مغني اللبيب، ولعله اطلع على الخلاف بعد ما كتب أوضح المسالك، أو لعله اطلع عليه من قبل ولكنه لم يعبأ به لكونه يرى القول باسميتهما ضعيفا لا ينهض للاعتداد به في مقابل القولين الأولين.
هذا، وقد اختلف النحاة في مذ ومنذ أهما أصلان أم أن أحدهما أصل للآخر! وفي المسألة ثلاثة أقوال، أحدها أن منذ أصل، ومذ فرع عنه بحذف النون، وهو قول الجمهور، وثانيها أن كلّا منهما أصل برأسه، وهو قول ابن ملكون، وثالثها أنهما إذا كانا اسمين فإن مذ فرع عن منذ، وإذا كانا حرفين فكل منهما أصل، ووجه ذلك أن ادعاء زيادة النون أو حذفها تصرف، والمقرر أن الحرف لا يتصرف وهو قول المالقي.
(١) ذكر ابن مالك أن (ما) قد تدخل على الباء فتكفها عن العمل؛ ولذلك دخلت على الجملة الفعلية في قوله:
فلئن صرت لا تحير جوابا ... فبما قد ترى وأنت خطيب
في مقال وما وعظت بشيء ... مثل وعظ بالصّمت إذ لا تجيب
وذكر ابن الشجري أن (ما) قد تدخل على (من) فتكفها، ولذا دخلت على الجملة الفعلية في قول أبي حية النميري:
وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللّسان من الفم
والجمهور يرون أن (ما) إذا دخلت على واحد من الحروف الثلاثة التي ذكرها المؤلف - وهي الباء، ومن، وعن - لم تكفه أصلا، وهم يؤولون هذه الشواهد ونحوها على أن (ما) مصدرية، والفعل بعدها في تأويل مصدر مجرور بالباء أو من، فتقدير البيت =