أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: الفعل ضربان: معرب ومبني]

صفحة 35 - الجزء 1

[فصل: الفعل ضربان: معرب ومبني]

  فصل: والفعل ضربان: مبنيّ، وهو الأصل⁣(⁣١)، ومعرب، وهو بخلافه.

  فالمبنيّ نوعان:

[أحدهما: الماضي]

  أحدهما: الماضي⁣(⁣٢)، وبناؤه على الفتح كضرب، وأما «ضربت» ونحوه، فالسكون عارض أوجبه كراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة⁣(⁣٣) [الواحدة]


(١) المراد بالأصل في هذا الموضع الغالب، أو ما ينبغي أن يكون الشيء عليه، وكل شيء جاء على ما هو الأصل فيه فإنه لا يسأل عن علته، ولهذا لا يسأل عن علة بناء الفعل الماضي وفعل الأمر، وكل شيء جاء على خلاف ما هو الأصل فيه لزم أن يسأل عن علة خروجه عن الأصل، ولهذا يسأل عن علة إعراب الفعل المضارع، وهي مشابهته للاسم الذي الأصل فيه الإعراب، وإنما كان الأصل في الفعل البناء لكونه لا تعرض له معان مختلفة تفتقر في التمييز إلى الإعراب، وإنما كان الأصل في الاسم الإعراب لكونه يعرض له أن تطرأ عليه معان مختلفة تفتقر إليه كالفاعلية والمفعولية والإضافة.

(٢) قد عرفت أن الأصل في الفعل البناء، وعرفت أن كل ما جاء على ما هو الأصل فيه لا يسأل عن علة مجيئه كذلك، واعلم أن الأصل في المبني أن يكون بناؤه على السكون لخفته كما سيذكره في الفصل التالي، فما بني على حركة معينة يسأل فيه سؤالان، أولهما: لماذا بني على حركة ولم يبن على السكون؟ وثانيهما: لماذا كانت الحركة هي خصوص الفتحة مثلا؟ وإنما بني الماضي على حركة لكونه أشبه المضارع المعرب في وقوع كل منهما صفة وصلة وحالا وخبرا، وإنما كان بناؤه على الفتح لكون الفتح أخف الحركات مع كون الفعل ثقيلا بسبب دلالته على شيئين هما الحدث والزمان فلو أنه بني على الضم لاجتمع فيه ثقيلان، فطلبوا في نطقهم التخفف من أحد الثقيلين فجاؤوا به مفتوحا.

(٣) اعلم أن الفعل والفاعل كالكلمة الواحدة لشدة ارتباط أحدهما بالآخر، ولأنه لا يمكن أن يستغني الفعل عن الفاعل أصلا، ثم اعلم أنهم لا يأتون بكلمة يتوالى فيها أربعة متحركات أصلا، فإذا رأيت في الكلام كلمة توالى فيها أربعة متحركات فاعلم أن لذلك علة، ومن ذلك قولهم بقرة وشجرة وكلمة، فإن هذه التاء على نية الانفصال والطرح فلم يعتبروها من حروف الكلمة، ومن ذلك قولهم «علبط، وهدبد» بضم ففتح فكسر فيهما - فإن أصل هاتين الكلمتين «هدابد، وعلابط» بألف ساكنة بعد ثانيهما، فحذفت الألف وهي مقدرة الثبوت. ومما يدلك على أنهم اعتبروا الفعل والفاعل كالكلمة الواحدة أنهم إذا قالوا «ضربت، وضربنا، وضربن» بإسناد الفعل إلى ضمير الرفع =