أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[مسألة: فعلا التعجب لا يتصرفان]

صفحة 235 - الجزء 3

[مسألة: فعلا التعجب لا يتصرفان]

  مسألة: وكلّ من هذين الفعلين ممنوع التّصرّف؛ فالأوّل: نظير تبارك، وعسى، وليس، والثّاني: نظير هب بمعنى اعتقد، وتعلّم بمعنى اعلم، وعلّة جمودهما تضمّنهما معنى حرف التّعجّب الذي كان يستحقّ الوضع⁣(⁣١).


= متعلق بيستغني منصوب بالفتحة الظاهرة (فأجدر) الفاء واقعة في جواب الشرط، أجدر: فعل ماض جيء به على صورة الأمر، مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره مجيئه على صورة الأمر، وقد حذف فاعله والباء الجارة له، وأصل العبارة فأجدر به، وجملة فعل التعجب وفاعله في محل جزم جواب الشرط، وجملة الشرط والجواب في محل رفع معطوفة بالواو على جملتي الشرط والجواب السابقين.

الشاهد فيه: قوله (فأجدر) حيث حذف المتعجب منه مع حرف الجر، من غير أن تكون صيغة التعجب المحذوف معمولها معطوفة على أخرى معها معمولها المشابه للمحذوف على حد قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} ونحو قول الشاعر:

أعزز بنا وأكف إن دعينا ... يوما إلى نصرة من يلينا

المراد أعزز بنا وأكف بنا، فحذف من الثاني لدلالة الأول عليه كما في الآية الكريمة، والحذف في مثل هذه الحالة التي في بيت الشاهد شاذ لا يقاس عليه.

(١) علل جماعة من النحويين - ومنهم المؤلف هنا - جمود فعلي التعجب بأنهما دلا على معنى من معاني الحرف، غاية ما في الباب أن العرب لم تضع للدلالة على التعجب حرفا، فهو نظير قولهم في شبه الاسم للحرف في المعنى: إن ضابط ذلك أن يدل الاسم على معنى من معاني الحرف سواء أوضعوا لهذا المعنى حرفا كالاستفهام الذي وضعوا له الهمزة وهل أم لم يضعوا له حرفا كالإشارة، فهذا هو الذي يشير إليه قول المؤلف (تضمنهما معنى حرف التعجب الذي كان يستحق الوضع) على أن المؤلف قد ذكر في باب حروف الجر (ص ٣٠ من هذا الجزء) أن من معاني اللام الجارة التعجب، فعلى هذا يكون المعنى قد وضع له العرب حرفا، ولكنا نذكرك بأننا لم نرتض ذلك فيما قررناه في باب حروف الجر.

وقد علل قوم آخرون فعلي التعجب بأنهما أشبها فعل التفضيل شبها قويا من ثلاثة أوجه، أولها الأصل الذي يصاغ منه كلا النوعين، وثانيها وزن كل منهما، وثالثها دلالة كل منهما على زيادة الحدث فإنك لا تتعجب إلا ممن فاق نظراءه في حدث ما فلما قويت المشابهة بين فعلي التعجب واسم التفضيل حملا عليه فأخذا كثيرا من =