الفصل الأول في الأحرف التي ينبه بها المنادى، وأحكامها
الفصل الأول في الأحرف التي ينبّه بها المنادى، وأحكامها
  وهذه الأحرف ثمانية: الهمزة(١)،
= لا مفعولا به كما هو عند الجمهور، ويرد هذا الرأي أن حرف النداء قد يحذف من الكلام، وحينئذ يكون العوض والمعوض منه محذوفين، والعرب لا تجمع بين حذف العوض والمعوض منه كما لا تجمع بينهما في الذكر.
والقول الرابع: أن العامل في المنادى هو أداة النداء، لا لأنها عوض عن الفعل المحذوف كما يقول أبو علي الفارسي، بل لأن هذه الأداة اسم فعل مضارع بمعنى أدعو كما أن (أف) اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر، وهذا مذهب واه، لأن هذه الأدوات لو كانت أسماء أفعال لكان فيها ضمير مستتر كما في سائر أسماء الأفعال، ولو كانت متحملة للضمير لجاز اتباعه، وأيضا لو كانت هذه الأدوات متحملة للضمير لكانت هي والضمير المستتر فيها جملة تامة يصح أن يكتفى بها ولا يحتاج المتكلم إلى أن يذكر المنادى معها لأنه فضلة، ولم يذهب إلى ذلك أحد
والقول الخامس: أن العامل في المنادى هو أداة النداء، على أن هذه الأدوات أفعال، لا أسماء أفعال، ولا حروف عوض بها عن أفعال، وهذا قول مردود بمثل ما يرد به القول الرابع، ويزاد في رد هذا أنه لو كانت هذه الأدوات أفعالا لكان الضمير يتصل بها كما يتصل بسائر الأفعال، وقد قال العرب (يا أنت) وقالوا (يا إياك) فلم يجيئوا بالضمير المتصل، وجاؤوا بالضمير المنفصل، فدل ذلك على أنها ليست أفعالا.
فقد تبين لك أن القول الذي تنصره الأدلة هو قول الجمهور - واختاره ابن مالك - إن ناصب المنادى فعل مضارع مضمر إضمارا واجبا، وإن المنادى ضرب من المفعول به.
(١) ههنا أمران أريد أن أنبهك إليهما:
الأمر الأول: أن جمهور النحويين على أن الهمزة لنداء القريب، وذهب شيخ ابن الخباز إلى أنها لنداء المتوسط بين القريب والبعيد.
والأمر الثاني: أن ابن مالك ذكر في شرح التسهيل أن النداء بالهمزة قليل في كلام العرب، وتبعه على ذلك ابن الصباغ، وذكر السيوطي أنه قد جمع من كلام العرب أكثر من ثلاثمائة شاهد للنداء بالهمزة، وأنه قد أفرد هذا الموضوع بتأليف.
ويقول أبو رجاء: إن العرب لم تزل تستعمل الهمزة حرف نداء، في جاهليتها =