[لا يتقدم المخصوص على «حبذا»]
  ومذهب سيبويه أن (حبّ) فعل، و (ذا) فاعل، وأنهما باقيان على أصلهما، وقيل: ركّبا وغلّبت الفعليّة؛ لتقدّم الفعل، فصار الجميع فعلا وما بعده فاعل، وقيل:
  ركّبا وغلّبت الاسميّة لشرف الاسم، فصار الجميع اسما مبتدأ وما بعده خبرا(١).
  ولا يتغيّر (ذا) عن الإفراد والتّذكير، بل يقال: (حبّذا الزّيدان والهندان)، أو (الزّيدون والهندات)؛ لأنّ ذلك كلام جرى مجرى المثل؛ كما في قولهم: (الصّيف ضيّعت اللّبن)، يقال لكل أحد بكسر التّاء وإفرادها، وقال ابن كيسان: لأن المشار إليه مضاف محذوف، أي: حبّذا حسن هند(٢).
[لا يتقدم المخصوص على «حبذا»]
  ولا يتقدّم المخصوص على (حبّذا) لما ذكرنا من أنّه كلام جرى مجرى المثل، وقال ابن بابشاذ: لئلّا يتوهّم أنّ في (حبّ) ضميرا، وأنّ (ذا) مفعول(٣).
=
يا حبّذا جبل الرّيّان من جبل ... وحبّذا ساكن الرّيّان من كانا
وحبّذا نفحات من يمانية ... تأتيك من قبل الرّيّان أحيانا
(١) وأجاز بعضهم أن يكون (حبذا) خبرا مقدما والاسم بعده مبتدأ مؤخرا، وبقي وجه، وهو أن يكون (حب) فعلا و (ذا) ملغاة، والاسم بعده فاعلا؛ وهذا الوجه في العمل كالوجه الأول من وجوه التركيب التي ذكرها المؤلف، ولكنه غيره في التقدير؛ فافهم.
والحاصل أنك إذا قلت (حبذا زيد) فلك في هذه العبارة خمسة أوجه من وجوه الإعراب؛ أولها أن يكون (حب) فعلا ماضيا، و (ذا) فاعله، والجملة خبر مقدم وزيد مبتدأ مؤخر. والثاني: أن يكون (حبذا) برمتها فعلا و (زيد) فاعله. والثالث: أن يكون (حبذا) برمته مبتدأ و (زيد) خبره، والرابع: أن يكون (حبذا) فعلا وفاعلا و (زيد) مبتدأ خبره محذوف. والخامس: أن يكون (حبذا) فعلا وفاعلا، و (زيد) خبر لمبتدأ محذوف.
(٢) وليس ما ذكره ابن كيسان مسلّما؛ لأنه لو كان كما ذكره لظهر هذا المقدر في بعض التراكيب، ولم يرد عنهم تركيب فيه ذكر هذا المقدر؛ فيكون قوله كدعوى الشيء بلا دليل عليه.
(٣) قال ابن بابشاذ: إذا قلت (زيد حبذا) فقد يسبق إلى ذهنك أن يكون (زيد) مبتدأ، و (حب) فعل ماض، وفاعله مستتر فيه، و (ذا) مفعول، والجملة خبر. فيكون ما أشير إليه بذا غير زيد، مع أنه كان نفس زيد حين كان مخصوصا مؤخرا؛ فلدفع هذا التوهم التزم تأخيره وهذا كلام لا حاصل له؛ فإن هذا التوهم الذي يفر منه لا يمتنع خطوره =