أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

فصل في لولا ولوما

صفحة 213 - الجزء 4

فصل في لولا ولوما⁣(⁣١)


= هذه الفاء تالية لأداة الشرط، فرأوا ذلك قبيحا، فالتزموا أن يفصلوا بين أما والفاء بفاصل: إما بجزء من جملة الجواب، وإما بشيء آخر، وباستقراء الاستعمال العربي تجد الفاصل بين أما والفاء واحدا من ستة أشياء:

الأول: المبتدأ من جملة الجواب، نحو قولك (أما زيد فمنطلق).

الثاني: الخبر من جملة الجواب أيضا، نحو قولك (أما في الدار فزيد).

والثالث: جملة شرط دون جوابه تكون معترضة نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ}.

والرابع: اسم منصوب لفظا أو محلا بما بعد الفاء نحو قوله تعالى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.

والسادس: ظرف كقولك (أما اليوم فزيد مسافر).

(١) ههنا خمسة أمور يجب أن تعرفها لتكون على بصيرة من الأمر في شأن لولا ولوما.

الأمر الأول: قد نص جماعة على اتفاق الكوفيين والبصريين على أن (لولا) في الوجه الأول مركبة من (لو) الامتناعية و (لا) النافية، وأن معنى كل حرف من هذين الحرفين باق بعد التركيب على ما كان عليه قبل التركيب، وحكى قوم في ذلك خلافا.

الأمر الثاني: اختلف النحاة في العامل في الاسم المرفوع الواقع بعد (لولا) هذه، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن هذا الاسم مبتدأ، ورافعه الابتداء، وهذا قول سيبويه ومن تابعه.

القول الثاني: أن هذا الاسم مرفوع بلو لا نفسها، وهو قول الفراء، وينقل عنه أنه علل هذا بأن لولا مختصة بالأسماء، وأنت خبير أن هذا لا يصلح علة لعمل الرفع في الاسم، لما عرفت مرارا من أن حق الحرف المختص بالاسم أن يعمل العمل الخاص به وهو الجر.

القول الثالث: أن الاسم المرفوع إنما ارتفع بلو لا لكونها نائبة عن الفعل، فأصل قولك: (لولا زيد لأكرمتك) هو لولا امتنع زيد لأكرمتك، وقد حكى الفراء هذا الرأي بقوله (وقال بعضهم) ولم يعينه، لكن حكاه جماعة من أثبات العلماء - منهم ابن هشام - عن الكوفيين.

الأمر الثالث: على القول الذي اختاره المؤلف تبعا لابن مالك - من أن الاسم المرفوع بعد لولا مبتدأ - قال جمهور البصريين: يجب أن يكون خبر هذا المبتدأ كونا عاما، =